الموقع الرسمي لسماحه الشيخ

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

رحمه الله

المكتبة النصية / من شروط كلمة التوحيد: الإخلاص

............................................................................... وأما الشرط الثالث: فهو الإخلاص. يعني: العمل بمعناها، بأن يُخْلِصَ عبادته لله، ولا يجعل منها شيئا لغير الله، لا في النية، ولا في العمل. وتعرفون الأدلة الكثيرة التي تدل على الأمر بالإخلاص؛ كقوله تعالى: { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } وكقوله تعالى: { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } وكقوله تعالى: { قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ } كرر الله -تعالى- الإخلاص في آيات كثيرة، وكذلك قول الله تعالى: { فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } . فالإخلاص معناه: أن تكون العبادة كلها خالصة لوجه الله، لا يُصْرَفُ منها شيء لغير الله، أيُّ نوع من أنواع العبادة، مثل: الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والإنابة، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والركوع، والسجود، والتوكل، وما أشبهها من أنواع العبادات القولية والفعلية، فلا يُصْرَفُ منها شيئا لغير الله. وهكذا -أيضا- النيات، النية هي أصل إصلاح العمل؛ فمن نوى بعمله الصالح غير الله فقد أشرك؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- { من سَمَّع سمع الله به، ومن راءى راءَى الله به } وثبت في الحديث قوله: { أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر } ثم فسره بالرياء، ومَثَّلَ له بقوله: { يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته، لِمَا يرى من نَظَرِ رجل إليه } فجعل هذا زيادته صلاته وتحسينها شركا مُحْبِطًا لذلك العمل، وسماه أصغر، وسُمِّيَ -أيضا- شِرْكًا خَفِيًّا؛ وذلك لأن الناس لا يتفطنون له، إذا رأوه يتصدق ظنوا أنه صادق، إذا رأوه يجاهد ظنوا أنه صادق، إذا رأوه يصلي، أو رَأَوْهُ يذكر الله، أو يُحْسِنُ التلاوة؛ فإنهم يظنون أن ذلك عن قلب؛ ولكن الله -تعالى- يطلع على ما في قلبه؛ فيحبط عمله. يقول الله للذين يراءون: "اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون فانظروا هل تجدون عندهم من ثواب أعمالكم شيئا؟!"، ويقول في الحديث القدسي: { أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَنْ عَمِلَ عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه } ، فيراد به -هنا- الشِّرْكُ في النية، وهو يُنَافِي الإخلاص. والأدلة عليه وأمثلته كثيرة لا نُطِيلَ بها. فهذا شرط من شروط لا إله إلا الله.