الموقع الرسمي لسماحه الشيخ

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

رحمه الله

المكتبة النصية / الرد على من تنقص الخالق

............................................................................... وكذلك إذا تأمل العاقل في المخلوقات كلها التي لا يحصي عددها إلا الله، صغيرا أو كبيرا. خلق هذه الحيوانات وهذه الطيور وهذه الحشرات وهذه الوحوش وهذه الأسماك وهذه الدواب التي في البحر والدواب التي في البر، خلقها خلق عجب، فهي أعظم دلالة وأوضح برهان على أن الذي خلقها هو خالق كل شيء كما أخبر عن نفسه بقوله: { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } فيعترف العباد بعظمة الخالق سبحانه وتعالى، ويكون من آثار ذلك تعظيمه واعتقاد أنه المعبود وحده، وأن ما سواه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا مهما كانت حالتهم. كذلك أيضا يردّون على الذين يتنقصون الخالق بنفي صفات الكمال التي وصف بها نفسه وبنفي الأسماء الحسنى والصفات العلى، وبنفي التعظيم الذي وصف به نفسه حتى إذا عظمه العباد، واعتقدوا عظمته عرفوا أنه أهل أنْ يعبد وأن يوحد وأن تخلص له العبادة، وأن لا يصرف منها شيء لغيره. لعل هذا هو معنى قوله تعالى: { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } . ينزه تعالى نفسه تعالى عما يقوله المشركون؛ والمشركون هم الذين يجعلون آلهتهم شريكة لله تعالى في استحقاق العبادة في أنها تستحق كما يستحق الرب سبحانه وتعالى، فيصرفون لها خالص حق الله، فكان هذا ردا عليهم وبيان أنهم ما قدروا الله حق قدره، ولو تصوروا عظمته سبحانه ولو تصوروا أنه يقبض السماوات والأرض، وأنها في كف الرحمن كحبة خردل في يد أحدكم لصغرت عندهم نفوسهم، ولصغرت عندهم الدنيا، ولعظم قدر الله تعالى في قلوبهم، ولصغرت عندهم الآلهة التي يعظمونها، ولاعترفوا بحقارتها وبقلة شأنها، وأنها مخلوقة ضعيفة ضئيلة لا تستحق شيئا من التقدير والتوقير، ولو كانت ما كانه، ولو كان ذلك المعبود سيدا أو صالحا أو شهيدا أو نبيا أو ملكا أو غير ذلك، فهذا هو السر في الأمر باستحضار عظمة الله تعالى، وبالاعتراف بأنه أكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء. نواصل القراءة ...