الموقع الرسمي لسماحه الشيخ

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

رحمه الله

المكتبة النصية / بيان أنه لاَ يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله وَأَنّ محمدا رَسُولُ اللّهِ فَيَدْخُلَ النّارَ أَوْ تَطْعَمَهُ

عن مَحْمُودُ بْنُ الرّبِيعِ رضي الله عنه، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عِتْبَانَ فَقُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ. قَالَ: { أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْضُ الشّيْءِ، فَبَعَثْتُ إِلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنّي أُحِبّ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلّيَ فِي مَنْزِلِي فَأَتّخِذَهُ مُصَلّى. قَالَ: فَأَتَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ شَاءَ الله مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلَ وَهُوَ يُصَلّي فِي مَنْزِلِي وَأَصْحَابُهُ يَتَحَدّثُونَ بَيْنَهُمْ، ثُمّ أَسْنَدُوا عُظْمَ ذَلِكَ وكبْرَهُ إِلَى مَالِكِ بْنِ دُخْشُمٍ قَالُوا: وَدّوا أَنه دَعَا عَلَيْهِ فهلك، وَوَدّوا أَنّهُ أَصَابَهُ شَيء، فَقَضىَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الصّلاَةَ. وَقَالَ: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله وَأَنّي رَسُولُ اللّهِ؟ قَالُوا: إِنّهُ يَقُولُ ذَلِكَ، وَمَا هُوَ فِي قَلْبِهِ. قَالَ: لاَ يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله وَأَنّي رَسُولُ اللّهِ فَيَدْخُلَ النّارَ، أَوْ تَطْعَمَهُ } . قَالَ أَنَسٌ فَأَعْجَبَنِي هَذَا الْحَدِيثُ فَقُلْتُ لاِبْنِي: اكْتُبْهُ. فَكَتَبَه. هذا أحد الصحابة عتبان بن مالك صحابي من الأنصار، كان يصلي بقومه كإمام، ضعف بصره، وكان بينه وبين قومه مسافة، خشي أنه يحول بينه وبينهم سيل مثلا أو ظلمة فيشق عليه، يقول: فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوره فيصلي في منزله حتى يتخذ ذلك المكان مصلى، فجاءه بعدما ارتفع النهار هو وبعض أصحابه فلم يجلس حتى قال: { أين تحب أن أصلي في بيتك؟ } فأشار إلى ناحية، فقاموا وصفوا وراء النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بهم ركعتين ثم انصرف. وكان قد اجتمع في البيت بعض جيرانه، وصاروا يتكلمون في بعضهم. كأنهم يتكلمون في بعض من عندهم شيء من الشك في إيمانهم، ومنهم مالك بن الدخشم -أو الدخيشم- اتهمه بعضهم بأنه منافق. سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال: { أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله موقنا بها قلبه؟ إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه } . وهذا أيضا من أحاديث الوعد التي فيها الدلالة على أن أهل لا إله إلا الله الذين يقولونها بقلوب خالصة؛ بقلوب صادقة صافية؛ أن الله تعالى ينقذهم من العذاب، وأنه لا يعذبهم، وما ذاك إلا أنهم إذا علموا بمعنى لا إله إلا الله، وأخلصوا في معناها فإنهم يوحدون الله، ويخلصون له العبادة، ويصرفون له جميع أنواعها، ويصدون بقلوبهم عن الآلهة التي كانوا يعبدونها، ويطيعون الله بكل أنواع الطاعة، ولا يعصونه طرفة عين، فيكونون من أهل الجنة، يحرمهم الله على النار.