المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونشكره ونثني عليه ونستغفره، ونشهد أن لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، ولا رب لنا سواه، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم . أما بعد: أصل هذه الرسالة محاضرة لفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين، نسختها في أوراق وصححتها حسب اجتهادي، ثم عرضتها على فضيلة شيخنا فصححها، وأذن بنشرها، أسأل الله أن ينفعنا جميعا بها، وأن يكتبها في موازين أعمال كل من ساهم فيها، إنه ولي ذلك والقادر عليه (أبو أنس). فإن دين الإسلام وتعاليمه وسط بين الإفراط والتفريط؛ ذلك أن الإسلام جاء منظما لمصالح العباد، وأتمّه الله تعالى وجعله أكمل ما يرام، وضمنه فعل كل مصلحة، والنهي عن كل مفسدة، فلا جرم أن كان هذا الدين هو الدين الذي فطر الله العباد على استحسانه، والميل إليه. وقد اختار الله تعالى لنا دين الإسلام فقال تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } أي اختاره -سبحانه وتعالى- ورضيه دينا للعباد يدينون به، ويتقربون به إلى ربهم، وأخبر بأنه الدين الحق، وما سواه فهي أديان باطلة أو منسوخة فقال تعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } أي هو الصحيح، وما سواه من الأديان فإنها منسوخة. فقد نسخ الإسلام الأديان السماوية السابقة، وحل محلها، وتضمن ما فيها من العبادات والمعاملات، فقام مقام كل ما سبقه من الأديان، وزاد على ذلك بما هو مناسب وملائم لحال العباد والبلاد. وقد أخبر -سبحانه وتعالى- بأن من ترك دين الإسلام وخالفه فهو خاسر، تائه ضائع، فقال -تعالى- { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ذلك أن هناك ما يسمى أديانا يدين بها من يعتنقها ويعتقدها من عباد الله، ويزين لهم الدعاة إلى تلك الأديان أنها أديان حقة صحيحة. وفي الصفحات القادمة فإننا نتأمل ونتعقل تلك الأديان التي يدين بها ويعتنقها الكثير من عباد الله، وهي باطلة، وكيف كان الإسلام وسطا؛ لا إفراط، ولا تفريط ! نسأل الله أن يوفقنا لخدمة الإسلام، وأن يكون عملنا خالصا لوجهه تعالى، وإعلاء كلمته. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.