حكم النصيحة مع الشدة

وسئل فضيلة الشيخ وفقه الله: هل تعد الصراحة في النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع شيء من شدة العبارة أو التفصيل إذا لزم الأمر، هل يعد ذلك خروجا على الأئمة؟ وهل يعد رد التعليمات المخالفة للدين خروجا على الأئمة؟ وما رأيك في من يتهم الآمرين بالمعروف من الدعاة بأنهم خوارج ودعاة فتنة، حفظك الله؟ فأجاب: لا يعد ذلك من الشدة؛ بل كل من رأى شيئا من النقص أو من التقصير، أو من المنكر، فإن عليه أن ينكره، وعليه أن يبينه لمن ظهر منه ذلك المنكر، ولو كرره مثلا، ولو كان في عبارته شيء من الشدة أو القسوة، لا يعد ذلك خلعا للطاعة، ولا يعد ذلك خروجا على الجماعة، ولا يعد ذلك ردة أو نقضا للبيعة، بل يعد من باب النصيحة. والداعي الذي يدعو إلى الله -تعالى- عليه أن يبين ما يدعو إليه، وعليه أن يفند المعاصي والمنكرات التي ينكرها ويبين نكارتها، ويبين الدليل عليها. وإذا بين ذلك للأمة أو للشعوب أو للأفراد أو للخواص فإن ذلك من باب النصيحة، ولا يسمى ذلك خروجا، ولا يسمى هذا الناصح خارجيا؛ لأن الخوارج هم الذين يسلون السيوف على الأئمة، ويخرجون عن الطاعة كليا ويكفرون الأمة التي تطيع الأئمة، أو تطيع الولاة، ويكفرون كل الأمة أو كل الشعوب التي تدين لذلك الوالي، ويرون أن كل من أطاعهم فإنه يستباح قتله، ويقتلون من قدروا عليه صغيرا أو كبيرا أو امرأة أو رجلا، حتى أنهم قتلوا امرأة حاملا بقروا بطنها لما كانت تبعا لولاية علي، أي أن زوجها كان من أتباع علي -رضي الله عنه-. هذا هو الخروج وهؤلاء هم الخوارج، فأما من نصح وأدى النصيحة، وتكلم بها، ولو أظهر ذلك وقال مثلا: إن هذا منكر، وإن الواجب إنكاره على الأفراد وعلى الخواص والعوام فلا يسمى هذا خروجا.