عاشرا: منع الكفار والمشركين من دخولها

للأمر بتطهيرها وتنظيفها الحسي والمعنوي، وقد ذكر الله تعالى أن المشركين نجس، فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } . ولما نزلت بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر وعليا وغيرهما ينادون في موسم الحج: { أن لا يحج بعد هذا العام مشرك } كما رواه البخاري برقم 369، 4655 وغيره عن أبي هريرة وغيره. . وذكر الحافظ ابن كثير في التفسير عن أبي عمرو الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين وأتبع نهيه قوله تعالى: { إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } ذكره عند تفسير هذه الآية. وقد ذكرنا آنفا عن ابن أبي شيبة. . قال ابن كثير ودلت هذه الآية الكريمة على نجاسة المشرك، كما ورد في الصحيح: { المؤمن لا ينجس } رواه البخاري 283، 285. ومسلم كما في شرح النووي 4\ 65 عن أبي هريرة. ورواه مسلم كما في الشرح 4\ 67 عن حذيفة رضي الله عنه. وأما نجاسة بدنه فالجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات، لأن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب، وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم، وقال أشعث عن الحسن "من صافحهم فليتوضأ" هكذا نقل الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية عن الظاهرية وعن الحسن. اهـ. ولعل هذا منهم للمبالغة في مقت المشركين، وبغضهم والحذر منهم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة ولحذيفة { إن المؤمن لا ينجس } ذكرنا آنفا روايته عنهما في الصحيح. . قال الحافظ في الفتح: تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر فقال: إن الكافر نجس العين، وقوّاه قوله تعالى: { إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } وأجاب الجمهور عن الحديث بأن المراد أن المؤمن طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة، بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة، وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار كذا قال الحافظ في الفتح 1\ 390. .. إلخ. وقد سبق ما نقله الحافظ عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى القاسم أن لا تقض في المسجد، فإنه يأتيك الحائض والمشرك. وقول الكرابيسي "كره بعضهم الحكم في المسجد؛ لأنه قد يكون الحكم بين مسلم ومشرك، ودخول المشرك المسجد مكروه" اهـ. وذكر ابن مفلح في الآداب أن أبا موسى قدم على عمر رضي الله عنه بحساب العراق فقال: ادع (الكاتب) يقرؤه، فقال: إنه لا يدخل المسجد. فقال: لم؟ قال: لأنه نصراني كذا في الآداب الشرعية لابن مفلح 2\ 469، وذكر نحوه عدة آثار. .. إلخ. وهو واضح في أنه قد تقرر عنده أن النصارى لا يمكنون من دخول المساجد لحرمتها، ونجاستهم المعنوية. وأما الحديث الذي في البخاري في قصة ثمامة بن أثال وربطه في المسجد قبل أن يسلم رواه البخاري برقم 462، 2442، وغيره. فلعل ذلك فعل حتى يشاهد المصلين، ويسمع القرآن، فينشرح صدره للإسلام كما حصل، حيث أسلم بعد ثلاث ليال، وكذا إذنه لوفد ثقيف ودخولهم عليه في المسجد كما ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية في: وفود سنة تسع. لأنهم جاءوا راغبين في الإسلام، وكذا يقال في سائر الوفود، وحيث لم يكن هناك أماكن واسعة لاستقبال الوفود غير المسجد النبوي ولقربه من بيوت النبي -صلى الله عليه وسلم-.