الشهادة بالجنة أو النار لمعين

39- ولا نشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار، نرجو للصالح، ونخاف عليه، ونخاف على المسيء المذنب، ونرجو له رحمةَ الله. هذا من عقيدة أهل السُّنّة، أنهم لا يجزمون لأحدٍ بجنة ولا نار ولو انطبقت عليه بعض الأحاديث، فهناك أحاديث في الوعيد، وهناك أحاديث في الوعد، فيقولون: إن أمره إلى الله -تعالى-. مثلا قوله -صلى الله عليه وسلم- { إن الله حرَّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله } أخرجه مسلم برقم (657) في المساجد ومواضع الصلاة، باب: "الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر". عن عتبان بن مالك -رضي الله عنه- في حديثه الطويل. . هذا من أحاديث الوعد فليس كل من رأيناه يقولها نقول: هذا من أهل الجنة، هذا محرم على النار؟ بل نقول: هذا أمره إلى الله؛ لأن الإخلاص غيبي؛ كذلك أيضًا قوله -صلى الله عليه وسلم- { لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كِبر } أخرجه مسلم برقم (91)- 148، 149، في الإيمان، باب: "تحريم الكِبْر". عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- . وقوله: { لا يدخل الجنة قَتَّات أو نمّام } أخرجه البخاري برقم (6056) في الأدب، باب: "ما يكره من النميمة"، ومسلم برقم (105)- 169، 170، في الإيمان، باب: "بيان غلظ تحريم النميمة"، عن حذيفة -رضي الله عنه-، بلفظ: "لا يدخل الجنة قتّاتٌ". وأخرجه مسلم برقم (105)- 168، بلفظ: "لا يدخل الجنة نمام". . هل نقول: إن هؤلاء من أهل النار؟ لا. فإن أمرهم إلى الله، وما في قلوبهم خَفِيٌّ، فلا نجزم لأحد بجنة ولا نار؛ بل نقول هؤلاء من العصاة الذين وردت فيهم هذه الأدلة، أمرهم إلى الله، إن شاء عذَّبهم، وإن شاء غفر لهم. وهؤلاء وُعِدُوا بالثواب ووُعِدُوا بالمغفرة، وأمرهم إلى الله إن شاء كمل ذلك وأثابهم، بأن رحمهم وأدخلهم الجنة، وإن شاء عاقبهم على ما عملوه، والله أعلم بكيفية ذلك. هذا معنى كون أهل السُّنّة لا يجزمون لمُعين بجنة ولا نار، إلا مَن جزم له النبي -صلى الله عليه وسلم- كالعشرة ونحوهم من الذين ورد تسميتهم أنهم من أهل الجنة ونشهد بالجنة لكل من شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كالعشرة المبشَّرين بالجنة وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وطلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد. وغير العشرة كالحسن والحسين والشهادة لثابت بن قيس وعكاشة بن محصن وعبد الله بن سلام وعمار بن ياسر وغيرهم من الصحابة الذين شهد لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالجنة. وكالذين ورد عنهم أنهم من أهل النار كأبي لهب في قوله -عز وجل- { سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ } ونحوهم ممن وردت النصوص في أنهم من أهل العذاب والقول في الجنة هو القول في النار، فلا نشهد لأحد بالنار إلا من شهد له الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بالنار كأبي لهب وأبي جهل والشهادة عن أبيه -صلى الله عليه وسلم- أنه في النار، وعمه أبي طالب وغيرهم. هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة. .