أخبر الله تعالى بأن أكثر الناس هم الضالون

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين        قال فضيلة الشيخ الإمام العلاَّمة أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن إبراهيم الجبرين:      الحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. وبعــد:   فقد اطَّلعت على ما نشر في جريدة الشرق الأوسط العدد (5824) يوم الثلاثاء الموافق 4 / 6/ 1415هـ بقلم من سمَّى نفسه: (عبد الفتاح الحايك) الذي اعترف بأنه ليس من أهل الإفتاء، ومع ذلك تجشَّم الفتوى بغير علم، وحكم لليهود المعاصرين والنصارى والهندوس والبوذيين والقاديانيين والمشركين والمنافقين بأنهم من أهل الجنة، واستغرب أن هذه الجموع والمليارات من الأُمم مآلهم إلى النار، وما علم أَن الله تعالى خلقَ الجنة وخلق لها أهلها وهم في أصلاب آبائهم أخرجه مسلم برقم (2662) في القدر، باب: "معنى كل مولود يولد على الفطرة، وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين". من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: توفي صبي، فقلت: طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلا ولهذه أهلا". وفي رواية لمسلم قالت: دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار، فقلت: يا رسول الله طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه، قال: "أو غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم". وخلقَ للنار أهلا وهم في أصلاب آبائهم، وأنه قال للنار: أنت عذابي أُعذِّب بكِ من أشاء، وللجنة: أنتِ رحمتي أرحم بكِ من أشاء، ولكل منكما عليَّ ملؤها أخرجه البخاري برقم (4850) في التفسير، 50، تفسير سورة ق، باب: "وتقول هل من مزيد" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "احتجت النار والجنة، فقالت هذه: يدخلني الجبارون والمتكبرون. وقالت هذه: يدخلني الضعفاء والمساكين، فقال الله عز وجل، لهذه: أنت عذابي أعذب بك من أشاء، وربما قال: أصيب بك من أشاء، وقال لهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، ولكل واحدة منكما ملؤها". .      وأخبر تعالى بأن أكثر الناس هم الضالون في قوله تعالى: { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } وقوله: { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } وقوله: { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } .      وقد أخبر الله عن إبليس أنه قال: { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } وقال: { ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } ونحو ذلك من الأدلة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بعث النار من كل ألف تسعمائةٍ وتسعة وتسعون، وواحدٌ في الجنة أخرجه البخاري برقم (6529) في الرقاق، باب: "الحشر" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أول من يدعى يوم القيامة آدم، فتراءى ذريته فيقال: هذا أبوكم آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول: يا رب كم أخرج؟ فيقول: أخرج من كل مائة تسعة وتسعين، فقالوا: يا رسول الله، إذا أخذ منا من كل مائة تسعة وتسعون فماذا يبقى منا؟ قال: إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود". وأخرجه البخاري أيضا برقم (6530) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك. قال يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فذاك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، فاشتد ذلك عليهم"، فقالوا: "يا رسول الله أينا ذلك الرجل"؟ قال: "أبشروا فإن يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل"، ثم قال: "والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة". قال: فحمدنا الله وكبرنا. قال: "والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة. إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو الرقمة في ذراع الحمار". .