لا إجماع على أن التوسل بالأشخاص جائز

ثالث عشر : لا إجماع على أن التوسل بالأشخاص جائز: ثم قال الكاتب في السطر السابع من الصفحة الأخيرة: [وهو يعلم يقينا بأن الأمة وافقت بالإجماع على أن التوسل وارد وثابت بالكتاب والسنة، ومضى على ذلك أكثر من ألف ومئتي سنة حتى ظهر ذلك الزنديق النجدي فحكم بكفر المتوسلين ... إلخ]. جوابه: أن نقول: أنت مطالب بإثبات هذا الإجماع، أو ذكر من حكاه من الأولين والآخرين، وبيان دلالة النصوص من الكتاب والسنة كما تزعم، وقد قدمنا أمثلة للتوسل الوارد الجائز عند الأمة، وهو التوسل بالأعمال الصالحة كقصة أصحاب الغار، وأنه دعاء لله وحده ليس فيه تعظيم لمخلوق، ونقلنا عن الفتاوى (1-202) ما ذكره عن أبي حنيفة وأبي يوسف والقدوري ؛ حيث منعوا المسألة: بحق فلان، أو الأنبياء والرسل؛ لأنه لا حق للخلق على الخالق … إلخ. أما النصوص فلا دلالة فيها على مراد المشركين من السؤال بالحق والجاه، وقد تقدم رد دلالة قوله: بحق السائلين عليك حديث ضعيف، انظر السلسلة الضعيفة، رقم (24). وانظر كتاب التوسل أنواعه وأحكامه للعلامة المحدث الألباني صفحة: 99. وقد إشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى ضعف الحديث، انظر كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة صفحة: 143. وقد بين شيخ الإسلام معنى الحديث من وجهين لو صح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر كلام الشيخ ابن جبرين صفحة: 324، 325. . وأما الشبهات التي يتشبث بها أولئك المشركون فقد ناقشها علماء الدعوة، وأوضحوا أنه لا دلالة فيها على دعاء الأموات والتوجه والتوسل بهم في الدعاء لضعف تلك الآثار، أو لبعدها عن وجه الاستدلال ولمصادمتها للنصوص الواضحة الجلية التي تضمنها كتاب التوحيد وشروحه. أما قول هذا الكاتب: [حتى ظهر ذلك الزنديق النجدي فحكم بكفر المتوسلين .. إلخ]. فنقول: هل شققت عن قلبه حتى اطلعت على نفاقه وزندقته؟! أما تخشى أن يرجع إليك ذلك الإثم والظلم الكبير!! فالشيخ -رحمه الله- هو الصالح المصلح الناصح للأمة المخلص لها، الودود الشفيق على عباد الله؛ حيث ألفى أهل زمانه قد غرقوا في الكفر والشرك، وصرفوا حق الله من العبادة والتعظيم لغيره من المخلوقات، وأوقعهم الجهل بالشرك وحقيقته، والجهل باسم الإله ومعنى العبادة وأنواع التعظيم في أن أشركوا بالله عن قصد، أو عن غير قصد، فلما تبين لهم الحق رجعوا إليه وترحموا على ذلك الشيخ الذي هداهم الله على يديه. فأما من عرف وعاند فإنما حمله على ذلك إما الحسد والبغي والتكبر عن الاتباع للحق مع من هو دونه في نظره، وإما البخل بالجاه والمنصب والمصلحة الدنيوية، خوف أن تنقطع عنه تلك المصالح متى تابع الحق واعترف به، وإلا فإن الأدلة التي أدلى بها الشيخ في كتاب التوحيد، دلالتها أوضح من الشمس في رابعة النهار، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. أما قوله: [فحكم بكفر المتوسلين]. فجوابه: كما تقدم أنه لم يحكم بكفرهم وإنما ذكر أنه بدعة ووسيلة إلى الشرك، والوسائل لها أحكام المقاصد.