الله تعالى لا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو بما وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم

"موصوف بما وصف به نفسه في كتابه العظيم وعلى لسان نبيه الكريم": هذه قاعدة من قواعد أهل السنة يعتقدون بأن الله تعالى لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به نبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لأنه أعلم بنفسه ونبيه أعلم به، فصفاته تنقسم إلى قسمين: صفات ذاتية وصفات فعلية، فالصفات الذاتية: هي التي ملازمة لذاته كصفات الذات مثل إثبات أن الله تعالى له وجه لقوله: { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ } وكذلك اليدان لقوله: { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } وما أشبه ذلك، وصفاته الفعلية: كصفة المجيء أنه يجيء لفصل القضاء، وأنه ينزل كما يشاء، وأنه يغضب ويرضى فكل ذلك من الصفات التي يثبتها أهل السنة لله تعالى لأنهم أخذوا أدلتهم من الوحيين من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-. وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى -عليه الصلاة والسلام- من صفات الرحمن وجب الإيمان به. كل ما وصف الله به نفسه في القرآن مثل قوله تعالى: { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } وقوله: { فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } { يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ } وقوله تعالى: { لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } وقوله: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } وقوله: { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } وأشباه ذلك من الآيات فإن هذا مما وصف الله به نفسه فيثبته له أهل السنة ويعترفون بأنه حق ومن أنكر شيئا منه فقد أنكر على الله تعالى ما أثبته لنفسه. كذلك أيضا الصفات التي أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- يثبتها أهل السنة كصفة النزول، وصفة الرؤية، وصفة الضحك، وصفة العجب وما أشبهها ويأتينا -إن شاء الله- أمثلة لذلك، فيجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم -يعني- نقول: سمعنا وأطعنا ورضينا وسلمنا سمعا وطاعة، نقبله على الرأس والعين، ونثبته لربنا ونترك التعرض له بالرد والتأويل؛ وذلك لأن المعتزلة ردوا كثيرا من الأحاديث وقالوا: لا نقبلها لأنها تخالف العقول وسلطوا على الآيات التأويل الذي هو أشبه بالتحريف ويسلطون عليها تحريفا يصرفها عن ظاهرها فيؤولون قوله: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } أن العرش هو الملك -أي- استوى على الملك، فينكرون أن يكون لله عرشا مخلوقا، ويؤولون الاستواء بالاستيلاء استولى على العرش -أي- استولى عليه من التولي وهذا من الرد والتأويل، وينكرون -أيضا- على أهل التشبيه والتمثيل الذين يجعلون صفات الله كصفات المخلوقين فيقولون: يغضب كغضب المخلوق ويرضى كرضاه ويقولون: ينزل كنزوله -تعالى الله-.