تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
204367 مشاهدة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)

كتــاب البيـــوع


كتاب البيوع
جعل الفقهاء قسم المعاملات بعد قسم العبادات، وقالوا: لأن الإنسان يحتاج إلى أن يقتات وأن يتكسب وأن يحصل على ما يغني به نفسه من المال الحلال، فلا بد أن يعرف كيفية التكسب، فجعلوا في هذا القسم البيع والإجارات والرهون والوكالات والشركات والودائع والهبات والأوقاف والوصايا والمواريث، فكل هذه الأمور جعلوها في هذا القسم حتى يتسنى للإنسان معرفة كيفية التكسب.
ولم يحتاجوا إلى معرفة أحكام الحِرَف وأنواعها؛ وذلك لأن الحرف غير منحصرة، وتعلمها يكون بالفعل وبالدراسة، ولم يحتاجوا إلى ذكر أحكامها؛ لأن الأصل فيها الحل، فالإنسان يتعلم الحرف كالبناء والغرس والعمل في المباني، وكذلك يتعلم الحرف اليدوية مع كثرتها كالحدادة والنجارة والهندسة وما أشبه ذلك، فهذه تتعلم بالفعل، ويحتاج الذي يتعلمها إلى دراسة أو ما أشبهها.
أما المبايعات والمعاملات فإنها تحتاج إلى معرفة أحكامها، فلأجل ذلك تعرض لها الشرع.
تعريف البيع
البيع في اللغة هو: أخذ شيء وإعطاء شيء.
وفي الشرع: قالوا- كما في زاد المستقنع- هو: مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة كممر بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض.
فقوله: (مبادلة مال)، أي: أخذ مال بدل مال، وقوله: (أو منفعة مباحة) في كل حال، وقوله: (بمثل أحدهما)، أي: منفعة بمال أو منفعة بمنفعة، وقوله: (على التأبيد): فيخرج بذلك القرض أو العارية، وقوله: (غير ربا وقرض) لأنهما لا يسميان بيعًا.
صور البيع
ذكروا للبيع في شرح الزاد تسع صور، وذلك لأن المبادلة: إما أن تكون على عين أو على دين أو على منفعة، والثلاثة تضرب في ثلاثة فتكون تسعة، وتفصيلها:
أولا: عينا بعين: كهذه الشاة بهذه الدراهم، وعينا بدين: كهذه الشاة بمائة في الذمة، وعينا بمنفعة: كهذه الشاة ببناء جدار، فهذه العين بثلاثة.
ثانيًا: دين بعين، دين بدين، دين بمنفعة.
ثالثا: منفعة بعين، منفعة بدين، منفعة بمنفعة.
أصبحت تسع صور، وتمثيلها ظاهر إذا عرفت أن الدين هو الذي يلتزم في الذمة غير معين، وأن العين هو المعين الذي يشار إليه، فإذا قلت: هذا الكتاب بهذا الريال، فهو عين بعين، وإذا قلت: هذا الكتاب بخمسة في الذمة، فهو عين بدين، وإذا قلت: أشتري منك كتابا في ذمتك بعشرة في ذمتي، فهو دين بدين، ولكن ورد النهي عن بيع الدين بالدين، فلا بد أن يحل أحدهما قبل التفرق، وإذا قلت: هذا الكيس بحفر هذه البئر، فهو عين بمنفعة، أو حفر هذا البئر بخياطة هذا الثوب، فيكون منفعة بمنفعة، هذه هي أنواع المبايعات.