عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
82223 مشاهدة
الأدلة على الإيمان بالقدر

  وقوله:
(  وروى ابن عمر - رضي الله عنهما - أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره, فقال جبريل: صدقتَ رواه مسلم .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: آمنت بالقدر خيره وشره، وحُلوه ومره ومن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي علمه الحسن بن علي يدعو به في قنوت الوتر: وقني شر ما قضيت . )


شرح:
 هذه أدلة على الإيمان بالقدر فحديث ابن عمر في صحيح مسلم هو أول حديث في كتاب الإيمان، وهو حديث عمر المشهور، وأوله عن يحيى بن يعمر قال: كان أول من قال بالقدر في العراق معبد الجهني، فانطلقت أنا وحُميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق الله تعالى لنا عبد الله بن عمر داخلا المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي وظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: يا أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا أناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم، وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنفُ، فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني، والذي نفسي بيده؛ لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر .
ثم أنشأ يحدث بهذا الحديث، حديث عمر المشهور إلى قوله: قال: أخبرني عن الإيمان قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت... الحديث .

فهذا دليل على نوع من أنواع القدر، وهو العلم السابق الذي ذكرنا أنه العلم الذي علمه الله قبل وجود المخلوقات، وهو الذي أنكره معبد الجهني وادعى أن الأمر (أُنف) يعني: مستأنف، بمعنى أن الله لا يعلم الأشياء حتى تحدث؛ لا يعلم ما سوف يولد لهذا، ولا من سوف يسكن هذه البلدة، ولا متى تعمر هذه البقعة، ولا متى تنبت هذه الشجرة، ولا متى تثمر حتى تخرج ثمارها، وهذا بلا شك تنقص لعلم الله الذي وصف به نفسه بأنه بكل شيء عليم.
ولكن الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالقدر خيره وشره يدخل فيه أيضاً القدر الذي هو الحوادث، وهو أن تؤمن بأنها مقدرة وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وورد من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشي قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك؛ رُفِعت الأقلام وجفّت الصحف .
أما دلالة حديث القنوت الذي أوله: اللهم أهدني فيمن هديت إلى قوله: وقِني برحمتك شرَّ ما قضيتَ؛ فإنك تقضي ولا يُقضى عليك فقد دل على أن الله يقيه من الشر، والدعاء ليس يغير القدر، ولكن الدعاء من القدر، والدعاء نفسه مقدر، وقد جعله الله سببًا لوقوع هذا القدر، فدعاؤنا بقولنا: وقني شر ما قضيتَ أي: شر ما تقدره؛ أي: ما قد كُتب، ومما قدره الله تعالى وكتبه أن العبد سيدعو بهذا الدعاء ويكون سببًا في كشف الشر عنه.
فدل على أن المكتوب لا بد من وقوعه ، ولا بد من حصوله ، فما قدر الله فلن يخطئ العبد، لا راد لقضاء الله، ولا معقب لحكمه.