إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
81585 مشاهدة
الاختلاف في الموزون

وقد اختلف في الموزون ما هو ؟، ويمكن أن يعم الوزن جميع ما ورد:
القول الأول: أن الأعمال توزن ولو كانت أعراضًا، فإن الله قادرٌ على أن يقلبها أجسامًا، فإن الصلاة ليس لها جرم ولكن الله تعالى يقلبها جسمًا فتخف أو تثقل, كما ورد في بعض الأحاديث: أن الرجل إذا صلى الصلاة وأساء فيها صعدت إلى السماء ولها ظلمة، وتغلق دونها أبواب السماء، وتلعن صاحبها فتقول: ضيّعك الله كما ضيعتني، وتلف كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجه صاحبها، وأما إذا صلى الصلاة فأحسن فيها صعدت إلى السماء ولها نور فتفتح لها أبواب السماء وتقول: حفظك الله كما حفظتني , فالصلاة عرض ومع ذلك يكون لها هذا الجرم، وكذلك الصيام يكون له جرم يوزن، وكذلك بقية الأعمال يجعلها الله تعالى أجراماً، وهكذا أيضا الذي له جرم مثل الصدقات ، ورد أن الله تعالى يربيها كما يربي أحدكم فُلُوَّه أو فصيله، يربي الصدقة ولو كانت يسيرة قليلة حتى تكون مثل الجبل، ثم بعد ذلك توزن وتثقل أو تخف بحسب نية صاحبها.
القول الثاني: أن الذي يوزن هو الصحف ؛ أي: صحف الأعمال التي كتبها الكتبة فهي التي توزن، ولكنها تخف وتثقل بحسب ما فيها من الأعمال صلاحًا أو فسادًا, واستدل على ذلك بحديث صاحب البطاقة وفيه إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر شيئًا من هذا؟ أظلمتك كتبتي الحافظون؟ يقول: لا يارب, يقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يارب, فيقال: بلى إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: أحضر وزنك، فيقول: يارب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: إنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة وتوضع البطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة , فهذا دليل على أن الأعمال التي تكتب في الصحف توزن ؛ أي: توزن تلك الصحف، وأن الثقل والخفة بحسب صحة العمل وبحسب الإخلاص فيه ، وكما في الحديث الذي فيه قول الله تعالى لموسى لو أن السموات السبع والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله وهذا في حق من أخلص توحيده، ونطق بهذه الكلمة عن إخلاص وصدق ويقين.
القول الثالث: أن الذي يوزن هو نفس العامل ، وقد استدل على ذلك بقوله تعالى: فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ( الكهف:105 ) أي: لا يكون لهم وزن معتبر، أو إذا وزنوا فإنهم يخفون ولا يكون لهم ثقل في الميزان ، وفي حديث في سيرة عبد الله بن مسعود ؛ أنه صعد مرة على شجرة أراك يقطع منها سواكًا، فعجب الصحابة من دقة ساقيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنهما في الميزان أثقل من جبل أحد فأفاد بأن الإنسان يوزن، وأنه يثقل بحسب إيمانه, وورد قوله صلى الله عليه وسلم: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة يعني: أنه لما لم يكن له قدر ولم يكن له عمل صالح خف ميزانه فلم يساو وزن جناح البعوضة, وبكل حال: لا مانع من أن يوزن العامل، وتوزن الصحف، وتجسد الأعمال فتوزن، ويكون الجميع مما يوزن ، ليظهر عدل الله - تعالى - بين عباده وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ( الكهف:49 ) .