من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
47546 مشاهدة
3- وسطية أهل السنة في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية

[ وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم ] .


(الشرح)قوله: (وهم وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم ):
وكذلك في باب وعيد الله انقسم الناس إلى أقسام:
* قسم قالوا: العصاة الذين يموتون على المعصية في النار ولا يخرجون منها، ولا تغفر ذنوبهم إذا ماتوا وهم مُصرون عليها، ولو كانت ذنوبهم دون الشرك، فلن يغفر لهم بل هم مخلدون في النار، وهذا قول الخوارج الحرورية، وقول المعتزلة الذين يخلدون بالكبائر.
* القسم الثاني: المرجئة، الذين يقولون: لا يضر مع التوحيد ذنب إذا كنت موحدا فأكثر من الذنوب، ولا تضرك كبائرها وصغائرها، ما دام أنك موحد، فكثر من الذنوب وليس عليك منها ضرر، وفي ذلك يقول شاعرهم:
وكثر ما استطعت من الخطايا إذا كـان القـدوم على كريم

فطائفتا المرجئة والوعيدية في طرفي نقيض، هؤلاء يقولون: الذنب يخلد به في النار، وهؤلاء يقولون: الذنوب ولو كثرت لا تضر.
*وتوسط أهل السنة وقالوا: الذنوب التي هي دون الشرك مُتَوَعَّد عليها، فتارة يغفرها الله إذا شاء، وتارة يدخل أصحابها في النار ويعذبهم بقدر ذنوبهم، ثم يخرجهم منها إذا شاء، وهذا هو القول الوسط؛ وهو أنهم لا يخلدون في النار كقول المعتزلة والحرورية، ولا يحكم لهم بالنجاة، فيقال: أكثروا منها ولا تضركم كقول المرجئة، بل يخاف عليهم ويرجى لهم.