إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
33922 مشاهدة
معنى الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

قال الناظم:
أَبـدَأُ بِـالْحَمْـدِ مُصَلِّيــا عــَلَى مُحَمَّـدٍ خَيـرِ نبــــيٍ أُرْسِــــلاَ
 معنى الحمد:
بَدأ بالحمد اقتداء بالكتاب العزيز، كتاب الله، حيث بُدِئ بالحمد؛ لأَن الله هو المستحق للحمد وحده (والحمد): ذكرُ محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله، هذا تعريفٌ لبعض العلماء، وبعضهم قال: (الحمد) فعلٌ يُنبئ عن تعظيم المُنعم بسبب كونه منعما على الحامد وغيره، والله -تعالى- هو المستحق للحمد، ويُحْمَدُ على صفاته، فتَحمدُه لأنه الواحد الأحد؛ ولأنه متصف بصفات الكمال ونحوها، وتحمده على تصرفاته، وتحمده لأنه الذي سخَّر الشمس والقمر، وسخر لنا النجوم مسخرات، وخلق وقدر، وأنه الذي يحيي ويميت ويفعل ما يشاء، وتحمده على عطائه وفضله؛ لأنه الذي أعطى وتفضل، وأغنى الإنسان، وأتم عليه نعمته، وآتاه من كل ما سأل، وخلقه في أحسن تقويم، وما أشبه ذلك، فيحمد على كل حال كما يحمد على ما قدره وما قضاه، حتى يحمده على المصائب والآفات والعاهات التي تصيب الإنسان؛ لأن الله ما أوقعها وأحدثها إلا لمصلحة كالتفكر والاختبار والعبرة.
معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
قوله: (مصليا).


يعني: حالَ كوني مصلِّيا على النبي، والصلاة من الله ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، وقيل: الرحمة، والصلاة من الملائكة الاستغفار، والصلاة من الآدميين الدعاء. وأصل الصلاة لغة: الدعاء؛ قال تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ يعني: دعاءك، والمعنى في قوله: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا يعني: ادعوا الله له على ما بذل لكم من النصح والتوجيه، والإرشاد.
  الفرق بين النبي والرسول
ووصَفَه بقوله: (خير نبيٍ أُرسلا)

ليجمع بين كونه نبيا  ومرسلا ، فإنه ليس كل نبي رسولا .
والنبي مشتق من النبأ وهو الخبر؛ لأنه جاء بخبر من الله، أو من النبوة وهي الارتفاع؛ لأن الله رفع قدره، قال تعالى: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ والرسول هو: الذي يحمل الرسالة من قومٍ إلى قوم، والفرق بين النبي والرسول: أن النبي من كلف ولم يؤمر بالتبليغ، والرسول من كلف وأمر بالتبليغ، يعني كٌلف بالتبليغ وألزم به، ودعا قومه ونجا من أطاعه، وهلك من عصاه، هذا هو الرسول.