شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
الشباب والفراغ
7150 مشاهدة
كيف يقاوم الشباب الفتن؟

أشرنا فيما سبق إلى الفتن والدعاة إليها، فهذا يدعو إلى الزنا، وهذا يدعو إلى مسكر، وما شابه ذلك، وكذلك فإن المغريات متيسرة: كالأفلام، والصحف والإذاعات الفاتنة، وكذلك توفر الشهوات التي في متناول الأيدي: كالدخان، والمسكرات، والمخدرات، وما أشبه ذلك. كذلك توفر الأسباب التي تيسر لصاحب الغرض السيئ سبيله، كالطائرات، والسيارات، والتليفونات، إلى غير ذلك، وهذه المغريات وتلك الدوافع إلى الفساد تحتاج إلى من يقاومها.
ومن الأمور التي تمكن الشاب من مقاومة الفتن والمغريات ما يلي:
1- معرفة ضرر الفتن في الدنيا
لا بد أن نعطي من يريد المحافظة على نفسه الفرصة بأن يعلم الضرر الذي يكمن في اقتراف هذه المعاصي فإذا علم الضرر فإنه يتجنبها.
بعض هذه المفاسد فيها ضرر على الأخلاق، وعلى الأعمال، ولا شك أن الضرر حين يصيب الأخلاق يمثل الصورة السيئة للإنسان، فيشتهر بأنه فاسد الخلق، يتعاطى المخدرات، والمسكرات أو فاعل للزنا، أو اللواط، أو يأذن لامرأته بالتبرج؛ فتنتشر له بين أقرانه سمعة سيئة.
لذلك فالإنسان يجب أن يحافظ على نفسه من السمعة السيئة، وينأى بنفسه عن التهم وعن السمعة السيئة، ويحب أن ينتشر له ذكر جميل بالثناء عليه، ومدحه، بعبادته، وغيرته، وحماسه، وغير ذلك.
2- معرفة ضرر الفتن في الآخرة
إذا عرف الإنسان أنه قد يعذب على اقتراف هذه المعاصي في الدنيا ولو كان لها دافع، ولو كان لها دعاة في الدنيا، كما عذب الله كثيرا من الأمم على ذلك، كما قص الله علينا في كتابه، كذلك فإنه يعذب في الآخرة، وعذاب الآخرة أشد وأبقى، ألا يكون ذلك دافعا له على أن يتمسك بالحق، ويبتعد عن الباطل وأسبابه؟!
3- محاسبة النفس ويقظة الضمير
كذلك على الإنسان أن يعرف الأشياء التي حرمها الله والأدلة على تحريمها معروفة، فإذا عرف أنها حرام، قال: كيف أقدم على أمر قد حرمه ربي؟! أليس الله تعالى هو الذي يملكنا، وهو الذي حرمها؟! فإذا فعلتها، أفلا أكون عاصيا؟!
أليس من عصى الله متوعدا بالعذاب، كما قال تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا .
فإذا صحا ضميره، وحاسب نفسه فإنه لا شك يتوب، ويستغفر الله -عز وجل- ولا يقدم على هذه الملاهي، ولو دفعته نفسه إلى استعمالها، ويذلك يقوى على مقاومتها.
4- قوة الإيمان
كذلك على المسلم تقوية إيمانه، الذي هو الإيمان بالله وملائكته، وكتبه ورسله، والبعث بعد الموت، والقدر، فإذا قوي الإيمان اندفع صاحبه إلى الأعمال الصالحة، وهدى إلى الصراط المستقيم، ونأى بنفسه عن المحرمات والأعمال السيئة التي منها هذه الملاهي التي اتخذت مضيعة للوقت.
ولا شك أن من أكثر من الأعمال الصالحة، يكون ذلك مما يقوى به إيمانه، فإن الحسنات تقوي الإيمان ككثرة الصلاة، وكثرة العبادات، وكثرة النوافل في الصلوات، وكثرة ذكر الله -عز وجل- وكذلك كثرة قراءة القرآن بالتدبر في ذلك، وكثرة الأمر بالخير والدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فهذه كلها من الحسنات التي يقوى بها الإيمان، وإذا قوي الإيمان قويت الدوافع إلى الأعمال الصالحة، وضعفت الدوافع إلى الأعمال السيئة.
ولا شك أن المحرمات تقسي القلب، وقسوة القلب تمكن من حب المعصية، وتقوي الدوافع إليها، كذلك تضعف الدوافع إلى الطاعات، فاحرص على ما يقوى الدوافع في قلبك إلى الطاعة، وعلى ما يضعف الدوافع في قلبك إلى المعصية.
نسأل الله أن يربط على قلوبنا بالإيمان، وأن يقوى إيماننا به، وبوعده ووعيده، وأن يعصمنا من المنكر والزلات، وأن يحفظ علينا ديننا، ولا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا للإيمان، وأن يهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب.
ونسأله أن يحفظ علينا أوقاتنا فيما يفيدنا، وأن يصلح شباب المسلمين، وأن يبصرهم بالحق، ويردهم إليه ردا، جميلا وأن يجعلهم خير خلف لخير سلف، وأن يصلح أعمالهم، ويثبت قلوبهم، ولا يزيغهم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.