إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
124236 مشاهدة
صفات وآداب الراقي بالرقى الشرعية

سؤال: ما هي الصفات والآداب التي ينبغي للراقي أن يتحلى بها ؟
الجواب: لا تفيد القراءة على المريض إلا بشروط:
الشرط الأول: أهلية الراقي: بأن يكون من أهل الخير والصلاح والاستقامة، والمحافظة على الصلوات والعبادات والأذكار، والقراءة والأعمال الصالحة وكثرة الحسنات، والبعد عن المعاصي والبدع والمحدثات والمنكرات وكبائر الذنوب وصغائرها، والحرص على الأكل الحلال، والحذر من المال الحرام أو المشتبه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام وملبسه حرام فأنى يستجاب له فطيب المطعم من أسباب قبول الدعاء، ومن ذلك عدم فرض الأجرة على المرضى والتنزه عن أخذ ما زاد على نفقته؛ فذلك أقرب إلى الانتفاع برقيته.
الشرط الثاني: معرفة الرقى الجائزة من الآيات القرآنية: كالفاتحة، والمعوذتين، وسورتي الإخلاص، وآخر سورة البقرة، وأول سورة آل عمران وآخرها، وآية الكرسي، وآخر سورة التوبة، وأول سورة يونس، وأول سورة النحل، وآخر سورة الإسراء، وأول سورة طه، وآخر سورة المؤمنون، وأول سورة الصافات، وأول سورة غافر، وآخر سورة الجاثية، وآخر سورة الحشر، ومن الأدعية القرآنية المذكورة في الكلم الطيب ونحوه، مع النفث بعد كل قراءة، وتكرار الآية مثلا ثلاثًا أو أكثر من ذلك.
الشرط الثالث: أن يكون المريض من أهل الإيمان والصلاح والخير والتقوى والاستقامة على الدين، والبعد عن المحرمات والمعاصي والمظالم؛ لقوله -تعالى- وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا وقوله: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى فلا تؤثر غالبًا في أهل المعاصي وترك الطاعات، وأهل التكبر والخيلاء والإسبال وحلق اللحى، والتخلف عن الصلاة وتأخيرها، والتهاون بالعبادات ونحو ذلك.
الشرط الرابع: أن يجزم المريض بأن القرآن شفاء ورحمة وعلاج نافع، فلا يفيد إذا كان مترددًا، يقول: أفعل الرقية كتجربة إن نفعت، وإلا لم تضر، بل يجزم بأنها نافعة حقًّا، وأنها هي الشفاء الصحيح، كما أخبر الله تعالى.
فمتى تمت هذه الشروط نفعت بإذن الله تعالى، والله أعلم .