القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
124251 مشاهدة
حكم كتابة التعاويذ من الآيات وغيرها

سؤال: هل كتابة التعاويذ من الآيات القرآنية وغيرها وتعليقها في الرقبة شرك أو لا؟
الجواب: قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن الرقى والتمائم والتولة شرك خرّجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه وخرّج أحمد أيضًا وأبو يعلى والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له وأخرجه أحمد من وجه آخر عن عقبة بن عامر بلفظ: من تعلق تميمة فقد أشرك والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
والتميمة ما يعلق على الأولاد أو غيرهم من الناس؛ لدفع العين أو الجن أو المرض ونحو ذلك، ويسميها بعض الناس حرزًا ويسميها بعضهم الجامعة، وهي نوعان:
أحدهما: ما يكون من أسماء الشياطين أو العظام أو الخرز أو المسامير أو الطلاسم، وهي الحروف المقطعة أو أشباه ذلك، وهذا النوع محرم بلا شك لكثرة الأدلة الدالة على تحريمه، وهو من أنواع الشرك الأصغر لهذه الأحاديث وما جاء في معناها، وقد يكون شركًا أكبر إذا اعتقد معلق التميمة أنها تحفظه أو تكشف عنه المرض أو تدفع عنه الضرر من دون إذن الله ومشيئته.
والنوع الثاني: ما يعلق من الآيات القرآنية والأدعية النبوية وأشباه ذلك من الدعوات الطيبة فهذا النوع اختلف فيه العلماء؛ فبعضهم أجازه وقال إنه من جنس الرقية الجائزة، وبعض أهل العلم منع ذلك وقال: إنه محرم. واحتج على ذلك بحجتين:
إحداهما: عموم الأحاديث في النهي عن التمائم والزجر عنها والحكم عليها بأنها شرك، فلا يجوز أن يخص شيء من التمائم بالجواز إلا بدليل شرعي يدل على ذلك، وليس هناك ما يدل على التخصيص.
أما الرقى: فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن ما كان منها بالآيات القرآنية والأدعية الجائزة فإنه لا بأس به، إذا كان ذلك بلسان معروف المعنى، ولم يعتمد المرقى عليها، بل اعتقد أنه سبب من الأسباب؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا وقد رقي النبي -صلى الله عليه وسلم- ورقى بعض أصحابه وقال: لا رقية إلا من عين أو حمة والأحاديث في ذلك كثيرة.
أما التمائم فلم يرد في شيء من الأحاديث استثناء شيء منها فوجب تحريم الجميع؛ عملا بالأدلة العامة.
الحجة الثانية: سد ذرائع الشرك، وهذا أصل عظيم في الشريعة، ومعلوم أنا إذا جوزنا التمائم من الآيات القرآنية والأحاديث المباحة انفتح باب الشرك واشتبهت التميمة الجائزة بالممنوعة، وتعذر التمييز بينهما إلا بمشقة عظيمة، فوجب سد الباب، وقفل هذا الطريق المفضي إلى الشرك، وهذا القول هو الصواب لظهور دليله. والله الموفق .