من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية (الجزء الثاني)
152926 مشاهدة
شرب حليب الحمير


س 131- يصف بعض الناس حليب الحمير بأنه مفيد لبعض الأمراض كالكحة الشديدة، فهل هذا صحيح؟ وما حكم ذلك في الدين؟
جـ- الحمر الأهلية كانت مباحة في أول الإسلام، وإنما ظهر تحريم أكلها سنة سبع من الهجرة في غزوة خيبر حيث وردت أحاديث كثيرة في النهي عنها، حيث أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ينادي في خيبر إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس .
وحيث قال لما رأى القدور تغلي بلحمها أهريقوها واكسروها. فقيل: أوَ نهرقها ونغسلها؟ فقال: أو ذاك وقد ذهب الجمهور إلى تحريمها تحريما مؤبدا. وذهب ابن عباس إلى إباحة أكلها؛ وذلك لأنها من جملة الأنعام المسخرة للإنسان، فتدخل في عموم قوله تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ وقوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ .
وذكر أن تحريمها خوف إتلافها، لأنها كانت حمولة الناس، وقد أنكر على ابن عباس بعض الصحابة، فقال علي -رضي الله عنه- إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية عام خيبر .
وروي مثله عن عمر وابن عمرو وجابر وأنس والبراء وغيرهم بأسانيد صحيحة، وعلى تحريم أكلها أكثر العلماء. قال ابن عبد البر لا خلاف بين علماء المسلمين اليوم في تحريمها. فأما ما روى عن ابن عباس فهو اجتهاد منه، وقد رُوي رجوعه عنه، وعلى هذا لا يجوز شرب حليبها لعلاج السعال ولا لغيره؛ لأن ما حرم أكله حرم العلاج به، ولا يحل إلا للضرورة التي تحل بها الميتة للمضطر، والله أعلم.