اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
الكسب الحلال أهميته - وآثاره
11446 مشاهدة
وجوه التكسب الحلال وشروطه

وجوه التكسب الحلال كثيرة، منهـا على سبيل المثال: الحراثة، والتجارة، والصناعة، وتربية الدواب والدواجن وغير ذلك.
* فمن الناس من تكون همته في الأرض، فيستثمرها ويغرسها ويجد في ذلك معيشته وكسبه، ويستغني بذلك عن سؤال الناس.
ولا شك أن كسب الحرث يُعَدُّ من أفضل المكاسب، وقد جعله الله تعالى من جملة الحِرَف التي زينت للناس، في قوله تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ [آل عمران: 14].
فجعل الحرث من جملة ما زين للناس؛ لأن فيه كسبًا وإنتاجًا ينفع به الإنسان نفسه، وينفع به أيضا غيره، فيأكل ويبيع وينفع الناس، ويزرع الحبوب، ويغرس الأشجار، ويجني الثمار، وإن كان في ذلك كلفة ومشقة فهذا مما يثاب عليه الإنسان إن احتسب أجره، ولا سيما إذا تصدق منه ونفع به غيره.
* ومن الناس من تكون همته في التجارة، ولا شك أن التجارة أيضا من جملة الحِرَف التي يكتسب بها المال، قل أو كثر، والتجارة هي شراء السلع وبيعها لأجل الربح فيها إذا بيعت بثمن يزيد عن قيمتها التي اشتُرِيَتْ به.
وقد ورد ذكر التجارة في القرآن في قوله تعالى: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا [الجمعة: 11] وقوله: قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ [الجمعة: 11] وقوله: رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [النور: 37].
فالتجارة التي هي البيع والشراء من جملة الحِرف المباحة، ولكن قد يلتبس بها ما يفسدها، أو يدخل الفساد إليها؛ ذلك أن التجار والباعة قد يتعاملون بمعاملات فاسدة، إما ربوية أو غيرها، فتدخل المحرمات في هذه المعاملات!! وهنا تتدخل الشريعة الإسلامية لتبين الحلال والحرام في الحرف.
* وقد أحل الله المعاملات التي ليس فيها ضرر، فقال تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة: 275] وقال في آية الجمعة: فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة: 9]. فدل على أنه قبل النداء إلى صلاة الجمعة يباح البيع الذي يقصد من ورائه الربح، ثم لا شك أن هذا البيع مع كونه بيعا ليس فيه ربا ولا غش، فإنه قد يدخل فيه شيء يقلل من فائدته الأخروية، أو يدخل عليه فساد أو ضرر!! فلأجل ذلك جاءت الشريعة بمنع البيع بعد النداء الثاني من يوم الجمعة؛ حتى يتفرغ الإنسان للصلاة والذكر.
وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الكثير من المعاملات أو المبايعات التي فيها شيء من الضرر على الآخرين، فثبت أنه نهى عن بيع الغرر وذكر أيضا أمثلة أخرى من البيوع التي فيها غرر، فنهى عن بيع كل شيء لم يكن مشاهَدا ومعلوما؛ لما فيه من الغرر، كالذي يسمونه بيع حبل الحبلة وبيع الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة وبيع ضربة الغائص، وبيع المغانم قبل أن تُقسَم وما أشبهها من المعاملات التي فيها ضرر على أحد المتبايعين.
وما ذاك إلا أن هذا الضرر إذا وقع في هذه المعاملات أحدث الفُرْقَة بين المسلمين؛ لأن هذا الذي خُدِعَ من غيره وأُخِذَ ماله بغير حق يحمل على أخيه ويمقته، ويسيء الظن به ويبغضه، فتقع بين المسلمين المقاطعة والعداوة والبغضاء، فلأجل هذه الأسباب حُرِّمت هذه المعاملات المنحرفة التي فيها ضرر أو غرر، وحرمت أيضا المعاملات الربوية، وتفاصيلها كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
وقد أمر الإسلام الباعة ونحوهم بالنصح للمسلمين ونهاهم عن غشهم وخداعهم، وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حث على النصيحة فقال: الدين النصيحة، وكررها ثلاثا، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم .
فجعل من جملة خصال الدين النصيحة لعامة المسلمين، ولا شك أن النصيحة تستدعي إخلاصا، وتستدعي صفاء قلب، وتستدعي مودة، فالناصح هو الذي يحب الخير لإخوانه المسلمين كما يحب لنفسه، ولا يؤثر مصلحته على مصلحة أي مسلم.
وقد جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- النصيحة من خصال الخير، وأنها من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، فقال -صلى الله عليه وسلم- للمسلم على المسلم ست بالمعروف: تسلم عليه إذا لقيته، وتجيبه إذا دعاك، وتشمته إذا عطس، وتعوده إذا مرض، وتتبع جنازته إذا مات، وتنصحه إذا استنصحك . وفي رواية: وتحب له ما تحب لنفسك .
فإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي هو مرشد الأمة، والذي هو ناصحهم قد حثَّنا على أن يحب أحدنا لأخيه ما يحبه لنفسه؛ فإنه لا تقتصر النصيحة على أمور العبادات أو الأمور الشخصية، بل تدخل في كل شيء، ومن جملة ذلك (النصح في المعاملات)، ولكننا في هذا الزمان نجد خلاف ذلك، فهناك الكثير من الباعة -هداهم الله- لا ينصحون المشتري، ولا يُظهرون العيوب التي توجد في السلعة، فترى أحدهم يُظهر السلعة على أنها جيدة، وهي في الحقيقة رديئة، ولا يخبر برداءتها!
وهذا ليس من النصح، بل من الغش والخداع، وقد حرَّم الله ذلك على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: من غشنا فليس منا وذلك أنه -عليه الصلاة والسلام- مَرَّ على رجل يبيع طعاما من الحبوب ونحوها، فأدخل يده فيه فأصابت بللا -يعني رطوبة- فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله! -يعني: المطر- قال: هلا جعلته في أعلاه كي يراه الناس؟! من غشنا فليس منا! .
فأمره أن يجعل الطعام الذي أصابه المطر في الأعلى حتى يراه الناس؛ لأنه إذا جعل أعلاه يابسا، ثم عند الكيل أخذ من الرطب، وباعهم إياه، إما كيلا أو وزنا، فإنه يبيعهم شيئا ليس بخالص، وليس بصافٍ، فيكون قد أوقعهم في غش وخداع، وباعهم ما ليس بطيب، أي: باعهم الشيء المغشوش الرديء على أنه جيد!!
وهذا ما يقع فيه كثير من الناس اليوم، ويحتالون بحيل كثيرة ليكتسبوا بها الأموال، فيبيعون مثلا السلع الرديئة غير مبينين عيوبها! ولا شك أن هذا مما يفسد الأموال، ومما يدخل على الإنسان السُّحت والحرام، فعلى الإنسان أن يحرص على طيب مكسبه بألا يدخل عليها إلا كسبا حلالا، فلا يتغذى إلا بالغذاء الطيب، ففي الغذاء الطيب تأثير في العقل، وتأثير في النفس، وتأثير في العبادة، وتأثير في المجتمع.
والغذاء الطيب والمكسب الحلال يكسب القلب قوة، ويكسب القلب صفاء وإخلاصا، كما أن الغذاء الطيب يكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات.
والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به .
والمراد أنه إذا تغذى الإنسان بالسحت، الذي هو المال الحرام بجميع أنواعه، فالنار أولى به والعياذ بالله! وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من أسباب إجابة الدعاء إطابة المطعم فقال -صلى الله عليه وسلم- يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة .
وهذا مُشَاهد، فالإنسان كلما اقتصر على الحلال، وعلى الكسب الطيب، الذي ليس فيه أدناس من الحرام، ولا من المشتبه فإن الله تعالى يجعل دعاءه مستجابا، إن دعى الله برزق رزقه، وإن دعى ربه بكشف ضره كشفه، وإن دعى لنفسه قُبِلَ دعاؤه، وإن دعى للمسلمين استجيبت دعوته.
وهذه كلها من فوائد إطابة المطعم، وأما إذا كان المطعم خبيثا فإن الدعاء مردود!!
وقد ثبت في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ثم ذكر -صلى الله عليه وسلم- الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء ويقول: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّيَ بالحرام، فأنى يُستجاب لذلك؟! [رواه مسلم ] .
فتأمل أخي المسلم كيف ذكر -صلى الله عليه وسلم- من أسباب استجابة الدعاء إطالة السفر، فإن المسافر طويل السفر يكون رقيق القلب، ويكون خاشعا متواضعا، وذلك من أسباب إجابة الدعاء، ومع ذلك ما استجيب دعاؤه!!
لماذا؟!!
لأن مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام!!
كذلك وصفه بأنه أشعث أغبر، يعني: متضعف متذلل، ليس له عناية ببدنه، فرأسه قد تشعث، ووجهه قد اغْبَرَّ، وهذا من صفة التذلل، ومع ذلك ما استجيب دعاؤه!! مع أن الله يجيب دعاء خاشع القلب، كما ورد في الحديث الشريف: رب أشعث أغبر ذي طمرين، مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره .
وكذلك من أسباب إجابة الدعاء رفع اليدين، كما يقول -صلى الله عليه وسلم- إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا . أي: خاليتين. ومع ذلك لم يُجَب دعاؤه!! وسبب ذلك خبث المطعم، نسأل الله العافية.
وكذلك من أسباب الاستجابة تكرار النداء: يا رب... يا رب، فهو معترف بربوبية مولاه، وأنه ربه وخالقه ومدبره والمتصرف فيه، ومع ذلك لم يُجَب دعاؤه. وهذا لا شك أنه بسبب أكل الحرام والإصرار على أكله، نسأل الله العافية والسلامة.
فالمسلم يحرص على إطابة مطعمه، حتى تجاب دعواته وتقبل صلواته، وسائر عباداته، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ثم يقول: ألا وإن لكل ملك حِمًى وإن حِمَى الله محارمه .
فنأخذ من هذا الحديث أن المكاسب على ثلاثة أقسام: قسم حلال، واضح الحِلِّ، وقسم حرام واضح الحرمة، وقسم مشتبه، يشتبه على بعض الناس.
فأنت إذا رزقك الله علما وبصيرة عرفت الكسب الحلال؛ لأن الحلال تطمئن إليه النفس، ويطمئن إليه القلب؛ ولأن الحلال آثاره واضحة، وأدلته صحيحة صريحة.
وأما الحرام فهو واضح أيضا، يعرفه الجاهل والعامي، والصغير والكبير، ومع ذلك يأكله الكثير من الناس ويتملكونه، مع علمهم بأنه حرام!!
أما المشتبه فهو الواسطة بين هذا وذاك، ولا يعرفه إلا الخواص من خلق الله، وعلماء المسلمين ومتبصروهم، أما الجهلة وعوام الناس فهم لا يتحققون من أي القسمين هو.
ومن الناس من يقول: إذا لم يكن من الحرام الصريح، فإننا سنأخذه ونتعامل به، ونجعله كسبا ما دامت حرمته لم تتحقق! وأن الأصل الإباحة! وهؤلاء لا شك قد يقعون في الحرام أحيانا.
وقد ضرب لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلا بالراعي الذي يرعى غنمه حول أرض قد حماها ملك من الملوك، له سطوة وله هيبة، فهذا الذي جاء يرعى دوابه حولها قد يغفل وقد يسهو وقد ينام، فترتع دوابه في هذا الحمى، فيأتيه حراس الملك، فيقبضون عليه ويصادرون أمواله، وربما حبسوه وضربوه! ويقولون له: لماذا جئت حول هذه الأرض وأنت تعرف أنها حمى لهذا الملك؟!
وهكذا الذي يتعامل بمثل هذه المعاملات المشتبهة، فهو يقع أحيانا في كثير من الأمور المحرمة، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .
ولذا نحث إخواننا المسلمين على أن ينزهوا أنفسهم عن المشتبهات التي يخاف أن تكون وسيلة إلى إيقاعهم في الحرام، فإنهم إذا فعلوا وتنزهوا سلم بذلك دينهم وعرضهم، وهذا معنى قوله: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه .
أي يسلم من الوصمة، ويسلم من القدح، ويسلم دينه وتسلم عبادته مما يقدح فيها، ومما ينقصها ويُبطلها أو يُنقص ثوابها.
وأما صيانتك لعرضك، فإنك إذا ابتعدت عن المشتبهات لم يجد الناس طعنا يطعنون به في عرضك، ولم يقدحوا في عدالتك، وسلم أيضا عرضك من الناس، ولم يتكلموا عنك إلا بخير، أما إذا ارتكبت شيئا من المشتبهات فإنك تدعو الناس لسبك وعيبك، والقدح في ديانتك، عن علم أو عن جهل، أو عن تصور خاطئ!!