إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
51764 مشاهدة
هل تقبل شهادة القاذف إذا تاب

...............................................................................


أما قبول الشهادة؛ ففيه خلاف. هل تقبل شهادتهم إذا تابوا؟ أم لا تقبل؟. والراجح أنها تقبل على تفصيل في ذلك.
وفي ذلك قصة وقعت في عهد عمر ؛ في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك لأنه ولى المغيرة بن شعبة على الكوفة وكان بجواره قوم من الصحابة ومن التابعين، فلما ولاه عليها اتهمه بعض جيرانه بأنه زنا، واطلعوا عليه وإذا هو يطأ امرأة، فرأوه من نافذة فقالوا: إنه يجامع فلانة، واتفقوا على أنهم يرفعون بأمره؛ وهم أربعة، فلما وصلوا إلى عمر أحضر المغيرة وأحضرهم، وأخذ شهادتهم؛ فشهد منهم ثلاثة شهادة صريحة، ولما جاء الرابع توقف وقال: إني لا أجزم بذلك؛ ولكن رأيته فوق امرأة، ولا أدري من هي؟. فعند ذلك درأ عنه عمر الحد، لما توقف الرابع درأ عنه الحد، وأمر عمر بجلد الثلاثة، وكان منهم صحابي جليل؛ وهو أبو بكرة نفيع بن الحارث المشهور. فلما لم تتم الشهادة قال: المغيرة أقر عيني في هؤلاء الأبد..؛ فإني إنما وطئت امرأتي، خيل إليهم. فقال عمر اسكت، فوالله لو تمت شهادتهم لرجمناك، عند ذلك جلد الثلاثة.
أصر أبو بكرة على قوله، وصاروا لا يقبلون شهادته، وهجر أخاه من أمه الذي لم يشهد؛ وهو زياد بن عبيد وذلك قيل: إنه هجره؛ لأنه لم يجزم معهم بالشهادة مع أنهم جزموا، وقيل: إنه هجره لأمر آخر؛ وهو أنه ادعى أو وافق أنه ليس لأبيه؛ وذلك لأن أبا سفيان والد معاوية زعم أنه وطئ سمية التي هي أم أبي بكرة وأن زيادا هذا ولد له من الزنا في الجاهلية. فصدقه زياد وصار ينتمي إلى أبي سفيان ؛ لأنه رأى في ذلك رفعة حيث يكون أخا لمعاوية الذي هو خليفة؛ حتى عير بذلك، ونظم الشعراء في ذلك؛ حتى قال بعضهم يخاطب معاوية
أتسـخط أن يقـال أبــوك عـف؟
وترضـى أن يقــال أبــوك زان؟
ويقول بعضهم يصف إنسانا، يقول:
دعـي فـي الكتابــة يدعيهــا
كدعــوى آل حــرب فـي زياد
آل حرب؛ يعني: أبو سفيان اسمه صخر بن حرب
....................................
كدعــوى آل حــرب فـي زياد
وبكل حال فإن زيادا هو الذي لم يجزم؛ فهجره أخوه من أمه الذي هو أبو بكرة وهذه من الوقائع التي وقعت، ويذكر بعد ذلك أن أناسا جزموا بالزنا، وقذفوا .. إنسانا، وقالوا: رأيناه بأعيننا يزني زنا صريحا؛ وجلد لذلك أو رجم.
فالحاصل أن أبا بكرة أصر على قوله؛ فكانوا لا يقبلون شهادة؛ ولكن يقبلون أحاديثه.
أجمعوا على قبول الأحاديث التي رواها ويترضون عنه مع الصحابة؛ وذلك لأن عمر قال: من كذب منكم نفسه قبلنا شهادته، فكذب اثنان أنفسهما، وأما أبو بكرة فأصر. وعلى هذا فإن التائب إذا تاب من القذف، ثم كذب نفسه فالحد لا يسقط .
وأما الفسق ورد الشهادة، فيسقط بالتوبة. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا يعنى: ندموا وأصلحوا أعمالهم وبرءوا ذلك من تلك الاتهامات فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .