إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
53341 مشاهدة
تفسير قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ...

...............................................................................


الآية التي بعدها خطاب للمؤمنين وفيها أيضا ذكر لهذه الواقعة فقوله -تعالى- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ أي أن من خطوات الشيطان القذف للأبرياء رجالا ونساء، قذفهن فيما هن بريئات منه من فعل الفاحشة أو فعل مقدماتها أو ما أشبه ذلك، فسماها خطوات لأن الشيطان يأخذهم خطوة خطوة إلى أن يوقعهم في أكبر الكبائر.
ذكروا أن للشيطان سبع عقبات يأتي بالإنسان إليها؛ فأولها: الكفر والشرك؛ فإنه هو المطلب الأعلى، وهو أكبر ونهاية خطوات الشيطان إذا أوصل الإنسان إليه فإنه يصير من أوليائه ويتركه ولا يحتاج بعد ذلك إلى أن يغويه، ولا إلى أن يوسوس له.
لكن إذا عجز أن يوقعه في الكفر أوقعه في خطوة أقل منها؛ ولكنها أيضا كبيرة وهي خطوة البدع، أن يوقعه في بدعة إما بدعة عقدية أو بدعة عملية حتى يخيل إليه أنه على صواب، والبدع أحب إلى الشيطان من المعاصي، وذلك لأن المعاصي يمكن أن يتوب منها وأما البدع فإنها يستحسنها صاحبها ويتشبث بها، ولا يتركها إلا أن يشاء الله.
فإذا عجز عن هذه الخطوة أوقعه في خطوة أخرى أقل منها، وهي خطوة: الكبائر، كبائر الذنوب المحرمات التي توعد الله عليها بوعيد بغضب أو عذاب أو لعنة أو نفي إيمان أو نحو ذلك من كبائر الذنوب التي قال الله -تعالى- فيها الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ .
فإذا عجز عن إيقاعه في الكبائر انتقل إلى خطوة أخف منها وهي خطوة: الصغائر أن يوقعه في صغائر الذنوب، ويزينها له فإذا أصر عليها أصبحت من الكبائر، فإن الإصرار على الكبيرة على الصغيرة يصيرها كبيرة.
فإذا عجز عن هذه الخطوة انتقل إلى خطوة أخف منها، وهي: أن يزين له الانهماك في المباحات، والتوسع فيها حتى ينشغل بها عن القربات، وحتى تكسله عن المنافسة في الطاعات.
فإذا عجز عن هذه الست كلها ما بقي إلا خطوة واحدة وهي: أنه يسلط عليه أولياءه وجنوده الذين هم أعوان الشيطان؛ فيسلطهم عليه بأن يؤذوه ويشتموه ويتمسخروا به، ويقبحوا سيرته ويستهزئوا به، ويوصلوا إليه ما يقدرون عليه من الأذى فهذه من خطوات الشيطان.
فتسليط الأعداء عليه، هذا أمر لا بد منه، ولكن عليه أن يتحمل ويصبر فإنه لو سلم من هذا أحد لسلم منه الأنبياء يقول: وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ أي فإن الشيطان يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ.
ومن جملة الفحشاء: الرمي والقذف للأبرياء ذكورا وإناثا وسمي فحشاء لأنه من مما يستفحش ويستقبح من الأفعال، فهو قول منكر وفاحشة كبيرة، ثم كذلك المنكر الذي يدعو إليه الشيطان هو كل أمر فيه معصية لله -تعالى- وسمي منكرا لأن النفوس الأبية، والفطر المستقيمة تنكره، وتستبشعه وتستقبحه، تستقبح فعله، وتشهد بشناعته، فالشيطان يدعو إلى الفحشاء ويدعو إلى المنكر يدعو إلى هذه الأمور التي يزينها للناس، ومن جملتها أن يدعوهم إلى أن يشيعوا الفاحشة، إلى تمكين الفاحشة وتمكين الزنا ومقدماته وفعل التبرج وأسبابه يدعوهم إلى ذلك فلا تتبعوا خطوات الشيطان؛ فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر.