جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
تفسير كلمة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
76132 مشاهدة
قرية تقتل رجلا وتتخذه وليا وشفيعا

...............................................................................


وسمعت حكاية: أن أهل قرية قالوا: ليس عندنا أحد من الأولياء، ولا من السادة! زارهم بعض مَنْ يسمونهم سادة وأشراف، زارهم إنسان، ولما أراد أن ينصرف، قالوا: لا يمكن أن تنصرف! نحن ما عندنا سيد!! لا بد أن نقتلك، وأن نقبرك، وأن نجعلك سيدا لنا!! فحاول فيهم، فقتلوه، وقالوا: نتخذك وليا!! عجبا لكم!!! أتقتلونه، وترجون أن يشفع لكم؟! أتقتلونه، وتدعونه مع الله؟! وترجون أن ينفعكم؟!! يقولون: نعم، إنه من السادة، إنه سيد ..! فإذا كان من السادة من أقارب النبي-صلى الله عليه وسلم- فإنه ينفعنا، فيشفع لنا.
وهكذا يُخَيَّلُ إلى مثل هؤلاء أن هذا ليس بعبادة؛ فيسمونه بهذه الأسماء، وهو في الحقيقة: إله؛ وذلك لأنهم يظنون أن الله جعل لِخَوَاصِّ الخلق عنده منزلة يرضى أن يلتجئ الإنسان إليهم! مَنِ المراد بِخَوَاصِّ خلقه؟ هؤلاء الذين يسمونهم أولياء.. أن الله جعل لهم منزلة رفيعة، وأن هذه المنزلة إذا وصلوا إليها استحقوا أن يُدْعَوا، وأن يُلْتَجَأ إليهم، يرضى الله أنهم يلتجئون إليهم، وأنهم إذا التجئوا إليهم؛ فإنهم ينفعونهم، ويدفعون عنهم، ويشفعون لهم؛ ولذلك يفعلون عندهم الأفاعيل! وانتشر هذا كثيرا في كثير من البلاد. وهذا حقيقة التأله عندهم.