القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
جمل رفيعة حول كمال الشريعة
9575 مشاهدة
ضمن الله لهذه الشريعة الظهور وفيها الهدى

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتمّ علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام، وأرسل الرسل إلى الخلق مبشرين ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، أحمده -سبحانه- وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلهيته وأفعاله وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ الذي هدى الله به الأمة من الضلالة، وأرشدهم به من الغواية، وأخرجهم به من الظلمات إلى النور، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته، ومن سار على نهجه، واتبع هداه وسلم تسليمًا كثيرًا.
فأما بعد:
فإن ربنا -جل وعلا- لما أوجد هذا الكون بما فيه من عجائب المخلوقات؛ كان من بين من خلقه نوع الإنسان الذي ميزه بالعقل والإدراك، وفضله على كثير من خلقه، كما قال -تعالى- وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا وكان من آثار هذا التكريم والتفضيل أن خصهم بالتكليف؛ فأمرهم بعبادته وطاعته، ونهاهم عن معصيته ومخالفته، وأرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب لبيان شرائعه؛ التي كلف بها عباده وشرح لهم دينه الذي فرض عليهم اعتناقه، وختم أولئك الرسل بنبينا محمد بن عبد الله الهاشمي النبي الأمي -صلى الله عليه وسلم- وجعل شريعته خاتمة الشرائع، وكان من لوازم ختم النبوة به أن عمم رسالته إلى الأحمر والأسود والعربي والعجمي، والجن والإنس، والقاصي والداني، ومن آثار ذلك أن جعل دينه صالحًا ومناسبًا في كل زمان ومكان.
وقد ضمن الله -تعالى- لهذه الشريعة الظهور، ولأهلها التمكين والنصر والغلبة بجميع أنواعها، قال الله -تعالى- وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ولقد صدق الله وعده -وهو لا يخلف الميعاد- فأظهر المؤمنين الصادقين في صدر هذه الأمة، ونصرهم على أعدائهم ومكّن لهم في البلاد؛ حتى انتشر هذا الدين، وظهر وغلب على سائر الأديان، ونصر الله أهله وقواهم به، قال -تعالى- يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وقال -تعالى- وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ فجند الله هم أهل شريعته ودينه، ولهم الغلبة بالسيف والسنان، وبالحجة واللسان، وذلك أن ربهم معهم يؤيدهم ويقويهم إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ .
ثم إنه -تعالى- تضمّن لأهل هذه الشريعة الحياة السعيدة الطيبة، والراحة والطمأنينة، وسرور القلب ونعيمه في هذه الحياة الدنيا قبل الآخرة، فقال -تعالى- مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وقال -تعالى- لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ والواقع أكبر دليل وشاهد على تحقق ذلك؛ فإن أهل الإسلام كلما سلمت عقائدهم، وصلحت أعمالهم وأحوالهم، وابتعدوا عن الكفر والشرك والمعاصي، وتبرءوا من الكفار وأعمالهم، وأخلصوا دينهم لله تعالى؛ فإنهم يحيون في هذه الدنيا في أعظم الراحة والسرور، ويغتبطون بدينهم، ويقتنعون بما رزقهم الله، وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ويرضون ويسلمون لقضائه وقدره؛ ذلك أن هذه الشريعة الإسلامية فيها الهدى والرشاد، ودين الحق الذي تضمنته رسالة هذا النبي الكريم.
قال الله -تعالى- هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ والهُدَى: هو البيان والدلالة والإرشاد، بمعنى أن من اتبعه كان مهتديًا سائرًا على النهج القويم، والصراط المستقيم، الذي لا يزيغ من سلكه على حد قوله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وذلك يدل بوضوح أنه مشتمل على كل ما تمس إليه حاجة البشر؛ مما يتعلق بعباداتهم وقرباتهم، وبمعاملاتهم وشئون حياتهم، وذلك من وصف هذه الرسالة بالهدى ودين الحق؛ فإن الحق ضد الباطل، وهذا وصف مطابق للواقع؛ لأن كل ما جاء به هذا الرسول الكريم -عليه أفضل الصلاة والسلام- حق وصدق، بعيد كل البعد عن اللهو والباطل والفساد، بل مشتمل على كل قول يدحض أي باطل ويدمغه، كما في قول الله -تعالى- بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وقال -تعالى- وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا فلا بد أن هذا الدين الحق قد اشتمل على كل خير، ودل الأمة على ما هو الأصلح لهم في معاشهم ومعادهم، وأوضح لهم المنهاج القويم الذي يؤدي بمن سلكه إلى النجاة في الدنيا والآخرة.