تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
87318 مشاهدة
لِمَ سمي المعروف معروفا والمنكر منكرا

وضح العلماء المعروف فقالوا: إنه كل ما هو من طاعة الله، فكل ما أمر الله به وأحبه ورضيه فهو معروف.
فالمعروف هو الطاعات والحسنات والقربات، سواء كانت من الفرائض، أو من النوافل.
وسُمِّي المعروفُ معروفًا ؛ لأنه الذي تعرفه النفوس، وتألفه وتحبه وتركن إليه، وتشهد بملاءمته وموافقته الفطرة وموافقته للمصالح، وأن فعله فيه الخير، وأن ما يترتب على فعله من القربات أفضل مما يترتب على غيره، وهذا عام في كل الأمور الشرعية، ذلك أن الله -سبحانه وتعالى- ما أمر بأمر إلا وهو غاية المصلحة وغاية المناسبة.
أما المنكر فهو المعاصي والمحرمات، فكل ما حذر ونهى الله عنه وأكد في النهي عنه فهو منكر.
وسُمِّيَ المنكرُ منكرًا ؛ لأنه مما تنفر منه النفوس السليمة والفطر المستقيمة، وتبغضه وتكرهه، وتشهد بنكارته وقبحه -ولو لم يأت به شرع- ذلك أن الله -سبحانه وتعالى- ما حرم شيئا إلا وفيه ضرر على النفوس أو العقول أو الأبدان أو الأموال؛ لأنه -سبحانه وتعالى- أعلم بمصالح عباده، فلا يحرم عليهم شيئا إلا وهو ضار لهم، إما في الحال، وإما في المآل! سواء كان هذا المحرم من المأكولات أو الأعمال. فالمحرمات التي حرمها الله من المكاسب أو من المطاعم ونحوها، كلها منكر، وكذا فعلها منكر، فما حرمت إلا لما فيها من ضرر، سواء كانت معاملة: كمعاملات الربا والغش والخداع، وما أشبهها، أو كانت من المأكولات: كأكل لحم الخنزير والميتة والمسكرات، وما أشبهها.
ويقال ذلك في الأعمال؛ تلك الأعمال التي حرمها الله -تعالى- كالكذب وشهادة الزور والزنى والفواحش ما ظهر منها وما بطن. فما حرم ذلك إلا لما فيه من المضرة.
فإذا علم المسلم حقيقة هذه المنكرات، وعرف الدليل على نكارتها وقبحها، والحكمة في تحريمها، والمضرة في حصولها والعمل بها، فعند ذلك تجده ينفر منها، ويبتعد عن القرب منها ومن أهلها، ويجعله ذلك يبحث عن ضدها وهو فعل الخيرات، ذلك أن الله -تعالى- من حكمته أنه ما حرم شيئا إلا وجعل ما يقوم مقامه من الأعمال التي فيها مصلحة.
فلما حرم الله الزنى أباح النكاح، ولما حرم الربا أباح البيع وسائر المكاسب، ولما حرم الكذب أباح الصدق وجعل فيه النجاة، ولما حرم القول السيئ أباح القول الحسن... وهكذا في سائر الأعمال.
فكل شيء حرمه الله فإنه لمضرته وهو منكر، ويأثم فاعله بفعله لهذا المنكر، وكل شيء أمر به فإنه معروف، يتقرب به فاعله إلى الله، ويكون من أهل المعروف، والله أعلم.