(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
90158 مشاهدة
فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إجمالا وتفصيلا

سئل -أَمَدَّ الله في عمره بالطاعة- هل لكم أن تبينوا لنا فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إجمالا وتفصيلا ؟
فأجاب: لا شك أن القائمين بهذه الوظيفة هم أهل الفضل والمن على بقية الناس، ذلك بأنهم قاموا بفرض الكفاية الذي أوجبه الله على جنس المسلمين، وأمرهم بأن يكلفوا به طائفة منهم تحصل بهم الكفاية، ويندفع بهم الشر، ويذل أهله، ويظهر بواسطتهم الحق وأمر الله، وتعلو كلمته على كلمة الكفر والفسوق والعصيان، ولذلك قال -تعالى- وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فجعل هذا الفرض على أمة أي طائفة من الناس يؤدون هذا الواجب على الأمة، حتى يحصل لهم الثواب على قمع الشر وأهله.
فهذا الواجب الكفائي إذا قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين، فإن تكاسلوا وتركوا العصاة والمخالفين يظهرون المعاصي ويجاهرون بالذنوب، فإن الإثم يعم الجميع، فعموم العقوبة دليل على تكليف الجميع.
وقد حذر الله العباد من الفتنة التي تعم أهل البلد أو المكان الذي تظهر فيه هذه الفتن والمنكرات، فقال -تعالى- وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً أي لا تقتصر على العصاة وحدهم، بل تعمهم وتعم الساكتين مع القدرة.
وعلى هذا فأهل الحسبة يحصل بهم أمن البلاد من العقوبات العامة، فمتى بذلوا جهدهم، وقاموا بالمقدور، أثابهم الله وهداهم، لقوله -تعالى- وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ .
فمتى ظهر هذا الأمر وقوي أهله، وأعطوا من الصلاحيات ما يخولهم للقضاء على بؤر الفساد، ومحو المعاصي، وإذلال أهلها، فإن الله -تعالى- يدفع البلاء عن البلاد، ويظهر فيهم الخير والصلاح، ويسود الأمن والطمأنينة، ويحيى العباد حياة طيبة، ويأمنوا على أنفسهم وأهليهم، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو وظيفة الرسل وأتباعهم، فأهل الحسبة هم خلفاء الرسل وأتباعهم، والواجب أن يمكنوا من التغيير، ومن تنفيذ العقوبات على من سولت له نفسه الإقدام على المعصية، وأن تكون لهم الصلاحية التامة في الجلد والسجن والضرب والتأديب والتنكيل؛ حيث إنهم لا يهدفون إلى مصلحة تخصهم، بل يعملون نيابة عن الأمة، ومتى وقع منهم خطأ أو زيادة في العقوبة، ولو وصلت إلى القتل فلا يؤاخذون، ولا يحملون أرش الخطأ، فهم رجال الدولة وسلاحها.
كما لا يجوز أن تصدق فيهم أقوال الخصوم الذين هم أعداء لهم وأعداء للدين، فإنهم بلا شك سيختلقون ضدهم ما لا حد له من الأكاذيب والترهات، ويلصقون بهم أقوالا وأفعالا لا يصدقها عاقل، ومرادهم بذلك شينهم والقدح فيهم، فإن لكل نعمة حاسد، فلا يقبل كلام الخصم في غيبة خصمه، وهكذا كان الأمر في حال قوة الإسلام وظهوره، والله المستعان.