جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
90930 مشاهدة
ما يترتب على إضاعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر

وسئل وفقه الله: ما مضار ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟
فأجاب: يترتب على إضاعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مضار ومفاسد كثيرة، يعم ضررها العصاة وغيرهم.
1- فمنها تمكن الأشرار وقوتهم وغلبتهم فمن ثم يعلنون المعاصي ويجاهرون بكفرهم وذنوبهم ومخالفاتهم، ولا يبالون بإظهار المخالفات، والتساهل بأمر الدين.
2- ومنها ضعف الحق وأهله وخوف المؤمن على نفسه من إظهار العبادات، والإنكار على من انتهك الحرمات، فيصبح أهل الخير أذلاء ضعفاء، يخفون عباداتهم وكأنهم أهل المنكرات، بحيث من عمل بالمعروف أو دعا إليه أُهين واضطهد وطرد.
3- ومنها عموم العقوبة للجميع فإن الله -تعالى- عاقب بني إسرائيل لما جالسوا أهل المعاصي والذنوب، وآكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ
4- ظهور الكفر والبدع والمعاصي وانتشار الفساد، وغلبته في البلاد، بحيث يستعصي على الأمة علاجه، فإن الناس كلما تساهلوا بالذنب واحتقروه بالنسبة إلى غيره، وأقروه في بيوتهم وفي أقاربهم، أصبح مألوفا، لا ينكره الصغير ولا الكبير.
فقد كنا قبل ثلاثين عاما ننكر حلق اللحى، ونستبشع ذلك، ونهجر الحليق إذا قدرنا، ونشنع على الحالقين، ثم غلب هذا الذنب وكثر متعاطوه، فأصبح الذي ينكره كأنه ينكر شيئا مألوفا لا إثم على فاعله.
وهكذا قبل أربعين عاما ننكر على من اقتنى جهاز الراديو، حيث إنه يحتوي على الأغاني والملاهي، فأصبح مألوفا بعد حين، رغم ما يذاع فيه من اللهو واللعب والباطل، والأغاني الماجنة، والدعايات إلى المعاصي، سيما في الإذاعات الخارجية التي ترسلها دول كافرة، تقصد من ورائها إفساد الأخلاق والأديان.
ثم ظهر بعد ذلك جهاز الرائي (التلفزيون) فأنكره أهل الخير واستبشعوه، وشنعوا على من اقتناه، وقد أصبح أمرا عاديا مع أنه آلة فتاكة تبث السموم والشرور، سيما بعد ظهور البث المباشر بواسطة آلة الدش ونحوه.
وهكذا كنا ننكر على المصورين مجرد التصوير، ونستعظم هذا الفعل، وبعد مدة امتلأت المنازل من الصور، واشتملت الصحف والمجلات والشاشات على الصور الخليعة الفاتنة.
وهكذا كنا ننكر رؤية المرأة السافرة ولو كانت كافرة، ونلزم وليها بسترها وحجبها، فبعد مدة استشرى هذا الشر، وانتشر في الإذاعات المرئية وفي المدارس والأسواق، والمراكز الصحية وغيرها.
5- ومنها تمكن العلمانيين والمنافقين من الولايات الهامة، والمناصب الرفيعة التي تتعلق بمصالح المجتمع، وحينئذ يفرضون على الأمة ما يريدون، ويسعون في الأرض فسادا، ويقربون أمثالهم من الأشرار، ويتحكمون في الأمة حسب أهوائهم، فيصبح المسلم ذليلا مهينا محتقرا، والمنافق عالي القدم، يشمخ بأنفه، ويتكلم بملء شدقيه، وذلك من أسباب العقوبة السماوية. نسأل الله العافية.