الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
48618 مشاهدة
أثر ابن تيمية في بيان عقيدة السلف ومحاربة أهل البدع

ولكن حدث بعدهم التوسلات والشركيات وتعظيم الأموات ودعاؤهم من دون الله؛ فلما حدثت هذه اهتم بها أيضا المتأخرون؛ كالشيخ تقي الدين رحمه الله ابن تيمية فإنه انتبه لذلك، وكتب فيها، وبيَّن الأدلة التي توضح ما يجب على الإنسان أن يخلصه لله تعالى من بعبادات.
وفي القرن الرابع وما بعده تمكنت بدعة نفي الصفات الفعلية، وكثير من الصفات الذاتية؛ تمكنت هذه البدعة، وكثر الذين ينتحلونها، فصاروا ينفون عن الله تعالى علوه علو الذات، واستواءه على عرشه.
وكذلك ينفون عنه صفات الفعل، فيقولون: إن الله لا يغضب ولا يرضى، ولا يحب ولا يكره، ولا يبغض ولا يفرح، ولا يرحم؛ أنكروا هذه الصفات، وكذلك بعض الصفات الذاتية؛ فأنكروا أن يكون لله وجه أو يد أو قدم كما ورد في الأحاديث أو نحوها.
ولما أنهم اشتهروا وكان لهم كلمة مسموعة عند تلاميذهم، وكثر الذين ينتحلون ذلك، وقل من يقول بما عليه السلف، يعني في العصور المتأخرة صار مذهب السلف غريبا، وكتب السلف لا تقرأ، والذين ينسخونها ينسخونها بخفية؛ إلى أن أظهر الله شيخ الإسلام ابن تيمية
فلما أنه أظهره الله في آخر القرن السابع وأول القرن الثامن؛ جهر بمذهب السلف، بما أعطاه الله من العلم والقوة وسعة الاطلاع، وكذلك أعطاه القدرة على المجادلة، وبارك في أيامه وفي عمره، وقدر على مقاومة أولئك المبتدعة وعلى مناظرتهم، فأظهره الله تعالى عليهم، وناظروه في كتبه، ولكن لم يجدوا عليه مدخلا، ولم يجدوا حيلة إلا أن يودعوه في السجون؛ فسجن في مصر أكثر من أربع سنين أو خمس، ولكن سجنه كان واسعا بحيث إنهم منعوه من الخروج ولم يمنعوه من التأليف ولم يمنعوا الزوار منه، فكان الناس يتوافدون إليه وهو في السجن فيسألونه، ويكتب ما أقدره الله عليه، ويتوسع في الكتابة؛ فاستفيد منه وكتب كتبا كثيرة حتى جمعت، وسميت بالفتاوى المصرية. وجد بعضها متفرقا ولم يوجد أكثرها، ثم سجن أيضا في آخر حياته في دمشق إلى أن توفي؛ أكثر من سنتين، وسبب ذلك صرامته وقوته، ولكن قدره في القلوب ومحبته في النفوس ما زالت تتزايد.
كان من جملة كتاباته هذه الرسالة التي سوف نقرأ فيها -إن شاء الله- وهي تعتبر عقيدة، ولكنها يعني: مختصرة أو متوسطة في الاختصار؛ سميت بالوصية الكبرى؛ لأن هناك أيضا وصية صغرى، ولعلنا نقرؤها أيضا -إن شاء الله- إذا انتهينا من هذه. والآن نبدأ في هذه الوصية.