تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
50606 مشاهدة
طاعة الرسول من طاعة الله

وقد سمعنا الآيات التي فيها الأمر باتباعه وبطاعته؛ مثل قوله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ جعل طاعته علامة على طاعة الله؛ لأنه لا يأمر إلا بما أَمَرَهُ الله به. ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل الناس يدخل الجنة إلا من أبى. قالوا: ومَنْ يَأْبَى؟ قال: مَنْ أطاعني دخل الجنة، ومَنْ عصاني فقد أبى وفي حديث آخر: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله .
وكثيرا ما يَقْرِنُ الله طاعته بطاعته؛ طاعة الله بطاعة رسوله، ومعصيته بمعصيته؛ مثل قوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ومثل قوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ومثل قوله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ .
وآيات كثيرة يقرن الله طاعته بطاعته.
أليست طاعته هي الامتثال؟! الذي يطيعه هو الذي يسير على نهجه ويتبعه؛ ولأجل ذلك أمر الله أيضا باتباعه في الآية التي سمعنا في سورة آل عمران: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ تسمى هذه آية المحنة. قالوا: إن اليهود لما قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، يعني: أننا نحب الله، ويحبنا الله، امتحنهم الله؛ امتحن صدقهم: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ إن كنتم صادقين في أنكم تحبون الله، فإن لمحبة الله علامة: فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فأمر باتباعه، وأمر بطاعته، وهما بمعنى واحد؛ من أطاعه كمن اتبعه. ويكون ذلك بِتَقَبُّلِ كل ما جاء به، وبالامتثال لأمره، والابتعاد عن نهيه؛ على حَدِّ قوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وهو عامٌّ في: (آتاكم) يعني: أعطاكم وعَلَّمَكُمْ، (ونهاكم) يعني: حَذَّرَكُمْ، فهذا دليل على أنه لا يأمر إلا بما أمر الله به.
وكان القرآن يأمرنا بأن نتبعه، ويُحَذِّرُنا من معصيته، مثل قوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ يعني: عن أمر الله، وعن أمر رسوله أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بعدما أمر الله باتباعه...