تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
128885 مشاهدة
تفكر الإنسان يزيده بصيرة ويقين

...............................................................................


هذا هو الأصل، فإذا فكر الإنسان وتأمل رزقه الله عقلا ورزقه فهما، وعرف ما خلق له وعرف ما أمر به، وازداد بصيرة في دينه، وتأمل فيما بين يديه وما خلفه، وأيقن بأنه ما خلق عبثا ولن يترك هملا، كما أخبر الله بذلك في قوله تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أي مهملا لا يؤمر ولا ينهى. الذي أوجده، وأوجد هذا الكون كله وسخر لهذا الإنسان كل ما يحتاج إليه لا يمكن أن يهمله لا يؤمر ولا ينهى، بل لا بد أن يكون ربه الذي أوجده وخلقه، فرض عليه فرائض وأمره بأوامر ومن أعظمها أن يعرف ربه وأن يعبده وحده.
فمعرفة الله تعالى الذي هو رب الأرباب، والذي هو مدبر هذا الكون هي من أوجب الواجبات، وإذا عرفه عبده وحده، وأخلص العبادة له، وانصرف بقلبه وقالبه عن كل ما سوى الله تعالى ولم يبق في قلبه متسع لمخلوق. امتلأ قلبه بعظمة الله تعالى وبجلاله وبكبريائه؛ فيكون بذلك من أهل الإيمان حقا الذين صدَّقوا بأنفسهم وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، وعرفوا ما خلقوا له وأتمروا بما أمروا به، فكانوا بذلك من أهل العقول الذين نفعتهم عقولهم.
قد سمعنا هذه الأدلة التي فيها الأمر بالتفكر أن يتفكروا في المخلوقات، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: تفكروا فيما خلق الله .... وكرر ذلك وقال: لا تتفكروا في الخالق لماذا؟ لأن صفات الخالق لا يحيط بها المخلوقون قال الله تعالى: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا وقال: وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ .
فإذا عجزوا عن إدراك مواد هذه المخلوقات التي يرونها ويشاهدونها فهم بطريق الأولى أن يعجزوا عن إدراك كنه صفات الله تعالى وماهيتها، وما تكون منه لا شك أنهم عاجزون عن ذلك كما هو مشاهد. يعجز الخلق مثلا عن أن يدركوا لماذا تكون هذه الأرض منبتة وهذه غير منبتة؟ ولماذا تنبت هذه الحبة فيكون منها مثلاً شجرة كبيرة أو صغيرة، ويكون منها أو من نموها ثمر، ويكون منها أيضا أغصان وأفنان وأوراق وما أشبه ذلك. يغذيها هذا الماء الذي جعله الله تعالى مادة لهذه الموجودات.
كيف مثلا أن الله تعالى أوجد هذا البحر هذه البحار العميقة التي لا يقدر قدرها إلا الله، وكيف ما نضبت هذه المياه مع مرورألوف السنين عليها، وهي لم تنقص ولم تتغير، وكيف وجدت فيها هذه الحيوانات التي ملأتها كبيرة أو صغيرة منوعة لا يعلم عددها، ولا يعلم مادتها التي خلقت منها إلا الخالق وحده سبحانه.
لا شك أن هذا كله دليل على عظمة من أوجد هذه المخلوقات؛ فلذلك يتفكر الإنسان في هذه الموجودات التي بين يديه، ويصرف بصره ونظره وعقله عن التفكر في الخالق؛ لأنه عاجز عن أن يصل إلى ذلك، وإنما يتذكر أن ربه سبحانه أعظم من كل شيء وأجلّ من كل شيء وأكبر من كل شيء، وأنه الخالق لكل شيء، وأنه هو الخالق وما سواه هو المخلوق، ولعله بذلك يكون من الذين امتثلوا أمر الله بالأمر بالتفكر والتذكر.