شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
123603 مشاهدة
تفكر السلف والأئمة رحمهم الله

...............................................................................


كثير من السلف يحثون على ذلك في ذلك قولهم: تفكر ساعة خير من إحياء ليلة كما مر بنا، أو تفكر ساعة أو تفكر ليلة خير من قيام ستين ليلة أو ستين عاما، ولعلهم يريدون أن هذا التفكر الذي هو تعقل فيما خلق له الإنسان يكسبه عبادة قلبية، ولذلك يشاهد أن كثيرا منهم ينشغل بالتفكر فيكون سكوته تفكرا، وهذا هو الذي ينبغي أن يكون عليه كل مسلم؛ إذا كان صامتا فيجعل صمته تفكرا، ولكن الكثير يكون تفكره وحديث نفسه في أمور دنية في شهواته وفي دنياه وفي ملذاته، وفي حوادثه وما جرى له، وما عرض له فيمضي عليه وقت طويل وهو صامت، وإذا نظر لم يزدد من هذا الصمت شيئا ينفعه، بل يقطع سكوته بهذه الأحاديث التي هي وساوس نفس، وحديث يمضي أو يمر على قلبه، وأما السكوت التي ينفع التفكر فيه فهو التفكر في عواقب الأمور، فإنه التفكر الذي يفيد من تفكر، فيُنقل عن السلف كما مر بنا عن سفيان الثوري و مالك بن دينار وغيرهم من الأئمة أنهم يمضون ليلة وهم يتفكرون في أي شيء؟ منهم من يتفكر في النار ويتذكر ما فيها.
إذا أعطي ماء ليتوضأ به وجده شديد البرد تذكر زمهرير جهنم، وأخذ يفكر في شدة بردها وفي شدة ألمها، فيطول تفكيره يقضي ليله وهو في هذا التأمل والتفكر حتى وجدوا يده كما مر بنا مبسوطة في ذلك الماء الشديد البرد حتى فاته قيام تلك الليلة، وقد كان يقوم واعتبر أن جلوسه وتفكره عبادة، وأنه أفضل من صلاته لو صلى وهو غافل. لو صلى وهو ساه غافل لم يزدد بصلاته درجات، فإذا جلس يتفكر في الدار الآخرة وفي النار وما بعدها وألمها فإن قلبه يتعظ وأنه يعتبر ويعمل الأعمال الصالحة التي تنجيه من ذلك العذاب .