اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
123707 مشاهدة
خلق المخلوقات من دلائل عظمة الله

...............................................................................


لا شك أنه خلقها كذلك كما قدر وكما أخبر مع أنه لا يعجزه شيء أراده، وهكذا أيضًا ما سمعنا من أنه خلق، أو غرس جنة عدن بيده، وخلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، والمعروف أن الجميع خلقه كما يشاء ومن ذلك . قال الله تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ أخبر بأنه خلقه من تراب، وأنه قال له: كن؛ كما قال ذلك للملائكة. أي: خلقهم بقوله: كن.
وكما قال ذلك أيضًا لسائر المخلوقات كلها قال لها: كن، ولو كان قد خلقها من مادة كونها منها حيث خلق آدم من طين مع أنه قادر على أن يكونه من أي شيء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم يعني أنها خلقت من هذه المواد كما أيضًا قدر خلق المخلوقات الأخرى من مواد. أي: هو الذي جعل لها مواد تخلق منها قال تعالى: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ أي نسل آدم أي بني آدم يخلقهم من سلالة أي من هذا المني كما في قول الله تعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى أخبر بتطور خلق الإنسان في بطن أمه في قول الله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً إلى آخره الله قادر على أن يخلقها بدون مادة بأن يقول لها: كن فتكون كما يشاء ولكن له الحكمة في ذلك.
ولا شك أن العاقل إذا تأمل في هذه المخلوقات، وتأمل في موادها التي تتكون منها عرف بأنها لم تكوّن أنفسها، وأنها لا تستطيع مهما أوتيت من قوة أو قدرة لا تستطيع أن تكوّن أنفسها، ولا أن تخلق شيئًا من أنفسها، ولذلك قال الله تعالى: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ يعني: ما تقذفونه في الأرحام أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ أي: لستم أنتم الذين تخلقون أولادكم بل الخالق هو الله وحده. لو كان الإنسان هو الذي يختار، ويخلق أولاده لاختار أن يجعلهم مثلاً ذكورًا، أو ألا يكون فيهم مريض أو لا يكون فيهم سيئ الخلقة أو ما أشابه ذلك. إذن الخالق هو الله وحده، نؤمن بما ورد في هذه الآثار من سعة هذه المخلوقات يقول الله تعالى: وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ الإيساع معناه أنه سبحانه خلق خلقًا لا يحصيهم إلا الله ولا يصل إليهم ذهن ذاهن ولا معرفة عارف، وإنا لموسعون، وكذلك أيضًا نؤمن بما أخبر الله تعالى أنه فوق العرش كما يشاء وقد اتفق على ذلك أهل السنة وسلف الأمة، واعترفوا بأن الله على عرشه قد استوى عليه كما يشاء .