لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
127543 مشاهدة
الحكمة من المخلوقات

...............................................................................


ولا شك أن التفكر في هذه المخلوقات يدل العاقل على أن الذي خلقها هو المستحق لأنْ يعبد وحده، ولذلك نقلوا عن ابن كثير رحمه الله أنه قال: الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة. أي: الذي أوجدها وخلقها على غير مثال سبق؛ مع كبرها وسعتها واتساع أرجائها هو المستحق للعبادة. وكذلك الدلالة منها على أنه ما خلقها إلا ليعتبر بها العباد ويأخذوا منها دلالة على أنه ما خلق شيئًا عبثًا.
كل المخلوقات التي هي موجودة على وجه الأرض وأنها لحكمة ولو كان لبعضها ضرر على الإنسان لا يقال: لماذا خلق الله تعالى الحيات ذوات السموم؟ لا شك أن فيها حكمة من خلقها، أو لماذا خلق الله السباع الأسود والذئاب التي تفترس والتي تعدو على الناس وتقتل أو تذبح دوابهم؟ لا شك أنه خلقها لحكمة.
وأقل شيء أن يستدل بذلك على أنه تعالى خلق الأضداد وخلق كل شيء وضده كما يقول الله تعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ قيل: المراد بالزوجين الذكر والأنثى كما في قول الله تعالى لنوح احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وقيل: المراد بالزوجين هاهنا ما يتقابلان أي: كل اثنين متقابلين فيقال مثلا: الشمس والقمر زوجان، والليل والنهار زوجان، والسماء والأرض زوجان، والنور والظلمة زوجان وهكذا، ولا شك أن اللفظ يعم جميع ذلك، يعم القول بأن الله تعالى خلق المتضادين كما خلق الداء والدواء يعني: أنزل الأمراض، وأنزل الأدوية التي هي علاج لها؛ فكذلك خلق الموت والحياة وخلق الذكر والأنثى وأشباه ذلك.
يستدل بذلك كله على أن الخالق لهذه الأشياء أمر عباده بأن يعتبروا بذلك ويعبدوه حق عبادته.