شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
69275 مشاهدة
بيان صفة ابتداء الخلق

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: صفة ابتداء الخلق.
قال: حدثنا أبو يعلى قال: حدثنا سريج بن يونس قال: حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، فقال: خلق الله -عز وجل- التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر يوم الجمعة، آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل .
قال: حدثنا العباس بن الفضل بن شاذان قال: حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا محمد بن ثور عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه أخذ بيده، وأخذ أبو هريرة -رضي الله عنه- بيدي كما أخذ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقال: خلق الله تبارك وتعالى التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، والشجر يوم الاثنين، والمكروه يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وعد كما تعد السماء- يعني النبي-صلى الله عليه وسلم- وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة في آخر ساعة من ساعات النهار فيما بين العصر إلى الليل .
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال :خلق الله تبارك وتعالى السماوات من دخان، ثم ابتدأ خلق الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين، وذلك قول الله -عز وجل- قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثم قدر فيها أقواتها في يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فذلك قول الله -عز وجل- وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فسمكها وزينها بالنجوم، والشمس والقمر أجراهما في فلكهما، وخلق فيها ما شاء الله من خلقه وملائكته يوم الخميس ويوم الجمعة، وخلق الجنة يوم الجمعة، وخلق آدم يوم الجمعة، فذلك قول الله -عز وجل- خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وسبت كل شيء يوم السبت، فعظمت اليهود يوم السبت لأنه سبت فيه كل شيء، وعظمت النصارى يوم الأحد لأنه ابتدأ فيه خلق كل شيء، وعظم المسلمون يوم الجمعة لأن الله -عز وجل- فرغ فيه من خلقه، وخلق في الجنة رحمته، وجمع فيه آدم وفيه هبط من الجنة إلى الأرض، وفيه قبلت توبته وهو أعظمها.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا أبو سعيد عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال أبو السري قرأت عليه من هذا الموضع: أن اليهود أتوا النبي-صلى الله عليه وسلم- فسألته عن خلق السماوات والأرض؟ فقال: خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن من منافع الناس، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب، هذه أربعة فقال: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ إلى قوله: سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ قال لمن سأل من خلق يوم الجمعة: النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقيت منه، وخلق في أول ساعة من هذه الساعات الآجال حين يموت من مات، وفي الثانية ألقى الآفات على كل شيء مما ينفع الناس، وفي الثالثة آدم أسكنه الجنة، وأمر إبليس بالسجود، فأخرجه منها في آخر ساعة، ثم قالت اليهود: ماذا يا محمد ؟ قال: ثم استوى على العرش، فقالوا: قد أصبت لو أتممت ! قالوا: ثم استراح!! فغضب النبي-صلى الله عليه وسلم- غضبا شديدا، فنزل: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ .
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عمران قال: حدثنا ابن أبي عمر العدني قال: حدثنا سفيان عن أبي سعيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ الآية. قال: أول ما خلق الله -عز وجل- الأرض في يومين: يوم الأحد ويوم الاثنين وجعل فيها رواسي، وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام. قال: ثم شق الأنهار، وغرس الأشجار، ووضع الجبال، وأجرى البحار، وجعل في هذه ما ليس في هذه، وفي هذه ما ليس في هذه، وجعل فيها منافع في يومين: يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ يوم الخميس ويوم الجمعة، وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ملائكتها وما أراد أن يخلق فيها. فمن سألك: في كم خلقت السماوات والأرض؟ فقل كما قال الله -عز وجل- قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ الآية، فاجتمع الخلق يوم الجمعة وخلق آدم عليه السلام في آخر ساعة من يوم الجمعة.
قال: حدثنا أحمد بن جعفر الحمال قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه، عن الربيع بن أنس -رحمه الله تعالى - إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قال: إن الله تبارك وتعالى خلق الملائكة يوم الأربعاء، وخلق الجن يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام يوم الجمعة. قال: فكفر قوم من الجن فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم، فكانت الدماء وكان الفساد في الأرض، فمِنْ ثَمَّ قالوا: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ .
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شريك عن غالب بن غيلان عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الله تبارك وتعالى خلق يوما فسماه الأحد، ثم خلق ثانيا فسماه الاثنين، ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء، ثم خلق رابعا فسماه الأربعاء، وخلق خامسا فسماه الخميس. قال: فخلق الله -عز وجل- الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء، ولذلك يقول الناس: إنه يوم ثقيل، وخلق مواضع الأنهار والشجر والقرى يوم الأربعاء، وخلق الطير والوحش والسباع والهوام والآفة يوم الخميس، وخلق الإنسان يوم الجمعة، وفرغ من الخلق يوم السبت.
قال: حدثنا أزهر بن رستة قال: حدثنا محمد بن بكير الحضرمي قال: حدثنا أبو معشر عن سعيد المقبري عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: إن الله تبارك وتعالى بدأ الخلق يوم الأحد والاثنين، وخلق الأقوات والرواسي في يوم الثلاثاء والأربعاء، وخلق الأرضين في الخميس والجمعة، وخلق فيها آدم عليه السلام تلك الساعة التي لا يوافقها عبد في صلاة يدعو ربه إلا استجاب له.
قال: حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم قال: حدثنا سلمة قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد -رحمه الله تعالى -في قوله: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ قال: خلق الله تعالى الأرض قبل السماء فلما خلقها ثار فيها دخان، فذلك حين يقول: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ قال: فسواهن سبع سماوات، يقول: خلق سبع سماوات بعضهن فوق بعض، وسبع أرضين بعضهن تحت بعض.
قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان عن رجل، عن عكرمة سئل ابن عباس رضي الله عنهما: أيهما كان قبل؟ الليل أو النهار ؟ فقرأ: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ثم قال: هل كان بينهما إلا ظلمة؟ وذلك لتعلموا أن الليل كان قبل النهار.
قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الحسن قال: حدثنا محمد بن بكير قال: حدثنا خالد عن الشيباني عن عون بن عبد الله عن أخيه عبيد الله عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: في الجمعة ساعة لا يوافقها أحد يسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه فقال عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- إن الله -عز وجل- ابتدأ الخلق، وخلق الأرضين يوم الأحد والاثنين، وخلق السماوات يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، وخلق الأقوات وما في الأرض يوم الخميس ويوم الجمعة، إلى صلاة العصر، فهي ما بين صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس.
قال: حدثنا عبد الله بن عبد الكريم قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن قال: حدثنا ابن عياش قال: حدثنا عمارة بن غزية الأنصاري عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت أبا القاسم-صلى الله عليه وسلم- يقول: في سبعة أيام يوم اختاره الله -عز وجل- على الأيام كلها: يوم الجمعة: فيها خلق الله السماوات والأرض، وفيها قضى خلقهن، وفيها خلق الله -عز وجل- الجنة والنار، وفيها خلق آدم عليه السلام وفيها أهبطه من الجنة وتاب عليه وفيها تقوم الساعة، ليس شيء مما خلق الله -عز وجل- إلا وهو يصيخ صبيحة ذلك اليوم شفقا من أن تقوم الساعة إلا الجن والإنس .
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا حجاج بن المنهال قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن عكرمة -رحمه الله تعالى- أن اليهود قالوا للنبي-صلى الله عليه وسلم- ما يوم الأحد؟ فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فيه خلق الله -عز وجل- الأرض وكبسها. قالوا: الاثنين؟ قال: خلق فيه وفي الثلاثاء الجبال والماء وكذا وكذا وما شاء الله تعالى. قالوا: فيوم الأربعاء؟ قال: الأقوات. قالوا: فيوم الخميس؟ قال: فيه خلق الله -عز وجل- السماوات. قالوا: يوم الجمعة؟ قال: خلق في ساعتين الملائكة، وفي ساعتين الجنة والنار، وفي ساعتين الشمس والقمر والكواكب، وفي ساعتين الليل والنهار. قالوا: السبت؟ ذكروا الراحة فقال: سبحان الله ‍‍!! وأنزل الله -عز وجل- وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ .
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- نحوه.
قال: حدثنا أحمد بن محمد المصاحفي قال: حدثنا ابن البراء قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه قال: ذكر وهب عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله تبارك وتعالى خلق الجنة قبل النار، وخلق رحمته قبل غضبه، وخلق السماء قبل الأرض، وخلق الشمس والقمر قبل الكواكب، وخلق النهار قبل الليل، وخلق البحر قبل البر، وخلق البر والأرض قبل الجبال، وخلق الملائكة قبل الجن، وخلق الجن قبل الإنس، وخلق الذكر قبل الأنثى.
قال: حدثنا محمد بن يحيى المروزي قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان عن أبيه، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: سئل الليل كان قبل أم النهار؟ قال: أرأيتم حين كانت السماوات والأرض رتقا هل كان بينهما إلا ظلمة؟ ذلك لتعلموا أن الليل كان قبل النهار.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال :حدثنا عبد الصمد بن معقل عن وهب -رحمه الله تعالى- قال: قال عزير عليه السلام: فتحت خزائن النور وطرائق الظلمة، فكانا ليلا أو نهارا يختلفان بأمرك، ثم أمرت الماء فجمد في وسط الهواء، فجعلت منه سبعا، وسميتهن السماوات. وملائكتك يسبحون بحمدك غير محتاج إلى ذلك، ولا تستأنس بهم، ثم أمرت الماء ينفتق من التراب، وأمرت التراب أن يتميز من الماء، فكان كذلك. ثم سميت جميع ذلك الأرضين. وجميع الماء البحار.
ثم زرعت في أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة في تراب واحد تسقى بماء واحد، فجاء على مشيئتك مختلفا أكله ولونه وريحه وطعمه، منه الحلو، ومنه الحامض، ومنه المر والطيب ريحه، والمنتن والقبيح والحسن، ثم خلقت الشمس سراجا، والقمر نورا والنجوم ضياء، ثم خلقت من الماء دواب الماء، وطير السماء، فخلقت منها أعمى أعين بصرته، ومنها أصم آذان أسمعته، ومنها ميت أنفس أحييته، خلقت ذلك كله بكلمة واحدة. منه ما غشيته الماء، ومنه ما لا صبر له على الماء، خلقا مختلفا في الأجسام والألوان، جنسته أجناسا، وزوجته أزواجا، وخلقته أصنافا، وألهمته الذي خلقته، ثم خلقت من الماء والتراب دواب الأرض وماشيتها وسباعها، فمنهم من يمشي على بطنه، ومنهم من يمشي على رجلين، ومنهم من يمشي على أربع، ومنهم العظيم والصغير، وَوَعَدْت إبراهيم عليه السلام أن تجعل ملوك ولد آدم عليه السلام في ذريته، فأصبح جميع خلقك على الذي قضيت لهم من المنازل التي أنزلتهم.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا يحيى بن حميد بن أبي حميد قال: حدثنا عثمان بن عبد الله القرشي قال: حدثنا بقية قال :حدثني أرطاة بن المنذر الكلاعي قال: سمعت مجاهدا يحدث عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- إن الله تبارك وتعالى فرغ من خلقه في ستة أيام، أولهن: يوم الأحد، والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة. خلق يوم الأحد السماوات، وخلق يوم الاثنين الشمس والقمر والنجوم، وخلق يوم الثلاثاء دواب البحر ودواب البر وفجر الأنهار وقوت الأقوات، وخلق الأشجار يوم الأربعاء، وخلق يوم الخميس الجنة والنار، وخلق آدم عليه السلام يوم الجمعة ثم أقبل على الأمر يوم السبت .
قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب قال: حدثنا عمرو بن عيسى الضبعي قال: حدثنا محمد بن سواء عن سعيد عن قتادة عن عمرو بن غيلان الثقفي رحمه الله تعالى، قال- وهو على منبر البصرة - حدثنا هذا الرجل الصالح من أهل الكتاب- يعني: كعب رحمه الله تعالى- أن الله -عز وجل- أسس السماوات السبع والأرضين السبع على هذه السورة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .


وهكذا خلق الله تعالى هذه المخلوقات كما يشاء، ومع ذلك فإنه سبحانه هو المنفرد بخلقها، ولم يحتج في خلقها إلى مادة تتكون منها، بل خلقها كما شاء. ذكر الله أنه رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا يعني: أظلم بليلها، وأخرج ضحاها يعني: نهارها، وجعلها قرارا يعني: هذه الأرض قرارا لعباده، وجعل السماء سقفا محفوظا، حفظه من استراق الشياطين في قوله: وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ وأما ترتيب خلقها: هل السماء قبل الأرض؟ أو الأرض قبل السماء؟ فهذا الله أعلم به، ولكن ظاهر الأدلة تدل على أن الأرض خُلِقَتْ قبل السماء. وذلك لآية فصلت: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وهي الجبال وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أي: خلق الأرض، وخلق الجبال، وخلق الأقوات، وخلق الأشجار وما فيها، وخلق الدواب.
ذكر أنه في أربعة أيام خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا يعني: جعل فيها البركة في مائها وفي نباتها، وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا يعني خلق فيها ما تحتاج إليه من الأقوات ومن الأرزاق الجميع أربعة أيام. خلق الأرض وما فيها. والأرض ذكر في الأحاديث أنها سبع أرضين، بعضها تحت بعض، الله هو العالم أين تقع بقية الأرض؟ ومن يعمرها؟ ولا يحيط بها إلا الله.
نحن إنما نشاهد هذه الأرض التي يرى ما فيها، سعتها، وكثرة الخلق الذين يعمرونها. الله أعلم بصفة بقية المخلوقات، فالله تعالى هو المنفرد بذلك، فإذا اعتبر المؤمن ونظر عرف أن الأرض خلقت قبل السماوات.
ثم قال تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا خلق السماوات في يومين، كما يشاء، مع أنه قادر على أن يخلقها في لحظة، فـ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .

س: هل صحيح أن المطر ناتج عن تبخر مياه البحار؟
الله أعلم، ولكن ليس هذا صحيحا، ولو كان كذلك لوجد أثر ذلك، وجده الذين يركبون الطائرات الجوية فهم يحلقون في هذا الجو، ولا يجدون هذه الرطوبة، ومع ذلك يجيء المطر من تحتهم، يخلق الله تعالى هذا السحاب ويكون تحتهم، ويمطر وهم فوقه. فدل على أن الله تعالى إذا أنشأ هذه السحب حَمَّلَهَا بهذا الماء.