عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شرح لمعة الاعتقاد
192286 مشاهدة
الله تعالى لا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو بما وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم

موصوف بما وصف به نفسه في كتابه العظيم وعلى لسان نبيه الكريم: هذه قاعدة من قواعد أهل السنة يعتقدون بأن الله تعالى لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به نبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لأنه أعلم بنفسه ونبيه أعلم به، فصفاته تنقسم إلى قسمين: صفات ذاتية وصفات فعلية، فالصفات الذاتية: هي التي ملازمة لذاته كصفات الذات مثل إثبات أن الله تعالى له وجه لقوله: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ وكذلك اليدان لقوله: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ وما أشبه ذلك، وصفاته الفعلية: كصفة المجيء أنه يجيء لفصل القضاء، وأنه ينزل كما يشاء، وأنه يغضب ويرضى فكل ذلك من الصفات التي يثبتها أهل السنة لله تعالى لأنهم أخذوا أدلتهم من الوحيين من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى -عليه الصلاة والسلام- من صفات الرحمن وجب الإيمان به. كل ما وصف الله به نفسه في القرآن مثل قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وقوله: فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وقوله تعالى: لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقوله: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وقوله: يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وأشباه ذلك من الآيات فإن هذا مما وصف الله به نفسه فيثبته له أهل السنة ويعترفون بأنه حق ومن أنكر شيئا منه فقد أنكر على الله تعالى ما أثبته لنفسه.
كذلك أيضا الصفات التي أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- يثبتها أهل السنة كصفة النزول، وصفة الرؤية، وصفة الضحك، وصفة العجب وما أشبهها ويأتينا -إن شاء الله- أمثلة لذلك، فيجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم -يعني- نقول: سمعنا وأطعنا ورضينا وسلمنا سمعا وطاعة، نقبله على الرأس والعين، ونثبته لربنا ونترك التعرض له بالرد والتأويل؛ وذلك لأن المعتزلة ردوا كثيرا من الأحاديث وقالوا: لا نقبلها لأنها تخالف العقول وسلطوا على الآيات التأويل الذي هو أشبه بالتحريف ويسلطون عليها تحريفا يصرفها عن ظاهرها فيؤولون قوله: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى أن العرش هو الملك -أي- استوى على الملك، فينكرون أن يكون لله عرشا مخلوقا، ويؤولون الاستواء بالاستيلاء استولى على العرش -أي- استولى عليه من التولي وهذا من الرد والتأويل، وينكرون -أيضا- على أهل التشبيه والتمثيل الذين يجعلون صفات الله كصفات المخلوقين فيقولون: يغضب كغضب المخلوق ويرضى كرضاه ويقولون: ينزل كنزوله -تعالى الله-.