إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح لمعة الاعتقاد
186648 مشاهدة
مراتب التقدير الإلهي

أما القدر الذي هو العلم فإنهم جعلوه أربعا؛ أربع مراتب:
الأولى: التقدير العام، والثاني: التقدير السنوي، والثالث: التقدير العمري، والرابع: التقدير اليومي.
والتقدير العام: هو الذي ذكر في الحديث؛ أن الله تعالى قدر كل الأشياء قبل إيجادها وكتبها، هذا التقدير العام الذي قال الله تعالى فيه: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ هذا التقدير العام يدخل فيه جميع المخلوقات والموجودات.
وأما التقدير السنوي، فهو الذي يكون في ليلة القدر، في كل سنة يكتب في ليلة القدر ما هو كائن في تلك السنة أو مثلها من السنة القادمة فالصحيح أنها تكتب في ليلة القدر أي ليلة التقدير.
وأما التقدير العمري: فهو أن الإنسان إذا كان في الرحم كتب الملك عليه كل ما هو عامله من خير أو شر؛ من أول ما يخرج إلى الدنيا إلى أن يخرج من الدنيا، ويكون ذلك في كتاب خاص أنه سيفعل كذا وكذا، هذا التقدير العمري.
وأما التقدير اليومي: فهو وجود ما يحصل في كل يوم دليل ذلك قول الله تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ وأما قوله تعالى: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ فالمراد: أنه سبحانه يمحو ما يشاء مما تكتبه الملائكة؛ الملائكة وكلهم الله تعالى بكتابة أعمال بني آدم قال الله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ أي يكتبون أفعالكم ويكتبون أعمالكم ويكتبون حركاتكم، فلا يتكلم بشيء إلا وقد كتب.
ثم إن تلك الكتابات إنها قد كتبها الله تعالى أو كتب أصلها في اللوح المحفوظ، ثم تلك الأعمال التي في كتب الملائكة هي التي يمحى فيها ما لا ثواب فيه ولا عقاب؛ لأن الملائكة يكتبون كل شيء كل كلمة تتكلم بها مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ فكل شيء يكتبونه فإنه من الأعمال، لكن يمحى منها ما لا فائدة فيه، أو ما لا مضرة فيه، أو ما ليس بحسنات ولا بسيئات ويبقى ما فيه حسنة وسيئة وثواب وعقاب؛ هذا ما معنى يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ .
فيؤمن الإنسان بذلك كله ويقول: آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت الوتر الذي علمه الحسن بن علي يدعو به في قنوت الوتر الذي يقول: اللهم اهدنا فيمن هديت إلى قوله: وقنا برحمتك شر ما قضيت فيدل على أن الله تعالى هو الذي يقضي الأشياء خيرها وشرها، وأن العبد يسأل ربه الوقاية، وأنه يعلم أنه لا يقيه ولا يحفظه ولا يحرزه ويحصنه إلا الله فهو الذي يحفظ من يشاء وهو الذي يوفق من يشاء للخير وقنا شر ما قضيت .
وإذا علمنا أن هذا قضاء الله تعالى وقدره، فلا نجعل قضاء الله وقدره حجة لنا في ترك الأوامر واجتناب النواهي، كما يفعل ذلك الجبرية.