إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح لمعة الاعتقاد
192232 مشاهدة
الإرادة الشرعية

وأما الإرادة الشرعية الدينية فهي الأوامر والنواهي؛ سواء حصلت أو لم تحصل، فنقول: مثال ذلك: إن الله أراد منا جميعا الإيمان إرادة شرعية لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ خطاب للناس كلهم أن يتقوا، أراد الله تعالى دينا وشرعا من الخلق كلهم أن يتقوه، وخلقهم لعبادته؛ لقوله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أي من.. آمرهم وأنهاهم، فكل ذلك داخل في إرادة الله تعالى الدينية.
نعرف أيضا أن هذه الإرادة الدينية الشرعية لا يلزم وجود مراده.. فقد يريد الله تعالى من هذا الطاعة فلا يطيع، يريد من هذا الإيمان فلا يؤمن؛ لأن الله ما أراده كونا وقدرا.
فمن أراد الله تعالى هدايته كونا وقدرا اهتدى، ومن أراد الله هدايته من أمره الله تعالى بالاهتداء دينا وشرعا فقد يهتدي وقد لا يهتدي.
فالإرادة الشرعية محبوبة عند الله يحب مرادها، وقد يوجد مرادها وقد لا يوجد، فأراد الله تعالى من المؤمنين الإيمان دينا وشرعا فآمنوا، وأراد الله من الكفار الإيمان دينا وشرعا فلم يؤمنوا، أراد الله الإيمان من الخلق كلهم وأحبه منهم ولكن منهم من يؤمن ومنهم من لا يؤمن.
وأراد الله جميع أفعال العباد؛ يعني جميع ما يحدث في الكون أراده قضاء وقدرا، فحصل ذلك بإرادة الله.