إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح لمعة الاعتقاد
193595 مشاهدة
من الإيمان بالغيب: الإيمان بالميزان

ثم ذكر الميزان الميزان له كفتان وله لسان توزن به أعمال العباد الكفتان هي التي توضع فيهما الأعمال واللسان هو الذي يعرف ثقله إذا ثقل هذا مَالَ من هنا، وإذا ثقل هذا مَالَ من هنا كما هو معروف في الميزان الذي توزن به الحوائج ونحوها، يؤمن أهل السنة بذلك ولا عبرة بمن أنكر ذلك كالمعتزلة ونحوهم.
وقالوا: إنه لا يحتاج إلى الميزان إلا البصال والبقال وما أشبههم، وفسروا الميزان هنا بأنه العدل في قوله وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ قالوا العدل وكذلك في قوله: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ذكر الله تعالى الميزان في عدة آيات منها في سورة الأعراف فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ .
في سورة قد أفلح المؤمنون وفي سورة القارعة: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وفي سورة الأنبياء: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وفي سورة الزلزلة فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ قيل إن الوزن يكون للعامل العامل نفسه يوزن قال تعالى فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا يعني نفس الإنسان يوضع في الميزان فيخف إن كان شقيا، ويثقل إن كان سعيدا.
ورد أنه صلى الله عليه وسلم رأى مرة ابن مسعود صعد على شجرة يقطع منها سواكا؛ فعجب الناس من دقة ساقيه فقال صلى الله عليه وسلم: إنهما أثقل في الميزان من جبل أحد دليل على أن الإنسان نفسه يوزن، وقيل إن الأعمال تجسد تكون أجراما ثم توزن يدل على ذلك، قوله صلى الله عليه وسلم: والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأ أو تملآن ما بين السماء والأرض .
ويقول صلى الله عليه وسلم: كلمتان ثقيلتان في الميزان خفيفتان على اللسان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم دليل على إثبات الميزان، ودليل على أن الأعمال أنفسها تجسد؛ لأن الكلام ليس له جرم، ولكن الله تعالى قادر على أن يجعله أجسادا، وقيل: إن الوزن للصحائف التي بأيدي الملائكة؛ إذا كان في يوم القيامة أحضرت تلك الصحف، والتي كتبت فيها الأعمال فتثقل أو تخف بحسب ما فيها من العمل ومن الإخلاص.
دليل ذلك ما ورد في حديث صاحب البطاقة أنه يؤتى برجل قد عمل سيئات فينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر يعني مد ما يبصره الإنسان ولو كان مثلا خمس كيلو أو نحوها مكتوب فيها سيئاته فيقال: هل تنكر شيئا من هذا كله فيقول لا يا رب فيقال: ألك عذر فيقول: لا يا رب فيقال: ألك حسنة فيقول: لا يا رب فيقال: بلى، إن لك عندنا حسنة فتخرج له بطاقة فيها الشهادتان فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم؛ فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة .
دليل على أن هذا ختم له بخاتمة حسنة، وأنه أخلص في آخر حياته؛ ودليل على أن من عمل حسنة فإن الله تعالى يثيبه عليها.
ودليل على أن الصحف أيضا توزن، ولا مانع من أن نقول: إن الإنسان نفسه يوزن، وإن الأعمال تجسد تجعل أجسادا وتوزن، وأن نفس الصحف توزن أيضا، كل ذلك في الإمكان الله تعالى أخبر بأن هذا كله أو دل على أنه يوزن.