لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح لمعة الاعتقاد
191883 مشاهدة
من حق النبي على الأمة: الاقتداء به

كذلك من حقوقه: التأسي به.
يعني اتخاذه أسوة وقدوة؛ ففي أفعاله دليل ذلك قول الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وكذلك كل ما جاءنا عن الأنبياء قبله فإن لنا فيهم أسوة، قال تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ .
أي: أسوة في البراءة من المشركين ولو كانوا أقارب، وكذلك الأسوة العامة والقدوة العامة بالنبي صلى الله عليه وسلم: أن كل ما فعله فإنه من شرعه؛ إما أن يدل على الوجوب أو على الاستحباب أو على الإباحة، وكل ما نهى عنه فإنه يدل إما على التحريم وإما على الكراهة، وبذلك أمر الله بتقبل ذلك؛ قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .
فكل شيء أمركم به فخذوه واقبلوه؛ فإنه من شريعته، وكل شيء نهاكم عنه فابتعدوا عنه؛ فإنه مما نهى عنه ومما حرمه، وكل ما حرمه فإنه من شرع الله الذي حرمه على لسان نبيه، وكل شيء أمر به فإنه من شرعه الذي أمره الله تعالى به؛ فتقبلوا ما جاء به، وامتثلوا ما أمركم به، واتركوا ما نهاكم عنه ومن جاءت في السنة النبوية فتركها وهو يعلم فضلها فإنه على خطر؛ ولذلك ورد أنه قال الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
ذكر للإمام أحمد أن بعض الناس يقلدون في دين الله وهم يعرفون السنة؛ فيتبعون الآراء كرأي سفيان الثوري وغيره ويجعلونه مقدما ودليلا فقال رضي الله عنه: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته ويذهبون إلى رأي سفيان والله تعالى يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
يعني: إذا رد قول النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون من الزائغين الذين قال الله: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا .
فهذه أدلة تدل على حق النبي صلى الله عليه وسلم:
أولا: الإيمان به، وثانيا: محبته، وثالثا: اتباعه، ورابعا: طاعته، وخامسا: التأسي به، وسادسا: تقبل ما جاء به، وسابعا: الحذر من مخالفة سنته وشريعته، وثامنا: احترام أقواله وأفعاله.