عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
86643 مشاهدة
الكلام عن قبول خبر الواحد

فالصحيح أنه يفيد العلم اليقيني، ورجح ذلك أيضا ابن حجر في شرحه للنخبة، وكتبنا فيه أيضا كتابنا المطبوع أخبار الآحاد، ونقلنا فيه الأقوال الصحيحة التي تدل على أنه يوجب العلم.
وهذا هو الذي ذكره المصنفون في أصول الفقه، يعني: المحققون ومن أقدمهم ابن الصلاح ؛ فإنه جزم بأنه يفيد العلم، ومع الأسف خالفه كثير مثل النووي عفا الله عنه رجح أنه يفيد الظن في كتابه التقريب وتبعه على ذلك شارح السيوطي تقريب النووي شرحه السيوطي وسماه تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي توسع في أصول الحديث، ومن الذين أيضا جعلوه لا يفيد العلم الصنعاني في التوضيح؛ فإنه أيضا خطأ من قبله، ولكل جواد كبوة.
يقول: هذا الذي ذكره المصنفون في أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد يعني: المنصفين الذين قالوا بالحق؛ لأنهم اتفقوا على العمل به، لما رأوا الصحابة والتابعين يعملون به، فقالوا: نعمل به، فقلنا: لهم كيف تعملون به وهو ظني؟ الظن أكذب الحديث، فقالوا: يوجب العمل ولا يوجب العلم، فقلنا: هذا تناقض؛ لأن الظن لا يوجب العلم ولا يوجب العمل؛ لأن الله عاب المشركين بقوله: إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا .
إلا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك؛ أنكروا أنه يفيد العلم ولكن كثيرا من أهل الكلام أو أكثرهم يوافقون الفقهاء يعني على أنه يفيد العلم ولا يفيد الظن.
أهل الحديث والسلف على ذلك على أنه يفيد العلم، وهذا قول أكثر الأشاعرة أنه يفيد العلم كأبي إسحاق وابن فورك وابن الباقلاني هؤلاء من المتكلمين من الأشاعرة، وأشهرهم ابن الباقلاني الذي يقال له: أبو بكر فهو الذي أنكر ذلك، يعني أنكر إفادته للعلم، وتبعه على ذلك كثير من المتأخرين تبعه أبو المعالي صاحب الإرشاد وغيره ابن الجويني وهو إمام الحرمين وأبو حامد مع شهرته أبو حامد الغزالي صاحب المصفى وصاحب الإحياء، وابن عقيل مع أنه حنبلي أبو الوفاء بن عقيل تلميذ أبي يعلى وابن الجوزي مع أنه أيضا حنبلي وله مؤلفات كثيرة، ولكن لكل جواد كبوة، وابن الخطيب وهو صاحب التفسير الكبير يعرف بابن الخطيب وهو باسم الرازي أشهر، صاحب التفسير الكبير، والآمدي صاحب الإحكام في أصول الأحكام في أصول الفقه، ونحو هؤلاء.
والأول أنه يفيد العلم، والذي ذكره الشيخ أبو حامد يراد بأبي حامد هذا غير أبي حامد الغزالي هذا أبو حامد الإسفراييني وأبو الطيب بن الطبري وأبو إسحاق بن الباقلاني وأبو إسحاق وأمثاله من أئمة الشافعية وهو الذي ذكره القاضي عبد الوهاب وأمثاله من المالكية، يعني أنه يفيد العلم، وذكره أبو يعلى هو إمام الحنابلة، ابن الفراء وأبو الخطاب وهو تلميذ أبي يعلى وهو الكلوذاني وأبو إسحاق أبو الحسن بن الزاغوني وأمثالهم من الحنابلة وهو الذي ذكره شمس الدين السَّرَخْسي وأمثالهم من الحنفية، السَّرَخْسي هو صاحب الكتاب المشهور المبسوط في علم الحنفية في فقه الأحناف.
وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر موجبا للقطع به فلا اعتبار في ذلك لإجماع أهل الحديث، الاعتبار في ذلك لإجماع أهل العلم بالحديث، إذا أجمع أهل العلم بالحديث فإن ذلك دليل على ثبوته، كما أن الاعتبار في الإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم في الأمر والنهي والإباحة، يعني كالفقهاء الأربعة كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد فإجماع أهل الحديث على الحكم بالصحة، كأهل الصحيحين وأهل السنن ونحوهم يقطع بصحة الحديث، وإجماع الفقهاء الأربعة على الحكم يقطع بصحة الحكم.