عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح نظم البرهانية
68261 مشاهدة
مسائل فيما إذا مات اثنان قبل قسم التركة

...............................................................................


إذا مات اثنان يعني: قبل قسم التركة، فهكذا أيضًا تجعل لك جامعة للمسائل الثلاث كلها يعني: إذا مثلنا مثالنا هذا:
أن ابنًا مات، وله ثلاثة أبناء، وله أبواه؛ أمه وأبوه، ثم نظرت وإذا الأم لها السدس، والأب له السدس، والباقي أربعة للأبناء. الأبناء ثلاثة والذي لهم أربعة لا تنقسم وتباين. فرءوسهم الثلاثة تضربها في أصل المسألة. الثلاثة في ستة بثمانية عشر. يكون للأب ثلاثة، وللأم ثلاثة، ويبقى عندك اثنا عشر لكل واحد من الأولاد أربعة.
مات الأب وله زوجة مثلاً وثلاثة أبناء وبنت، وماتت الأم ولها مثلاً أبناء ابنها ولها بنت.
صحِّحْ مسألة الأب. مسألته من ثمانية؛ لأن له زوجة وله ثلاثة أبناء وبنت. الزوجة لها الثمن، والأبناء لهم ستة، والبنت لها السابع. هذه منقسمة. مسألة الأب انقسمت على زوجته وعلى أولاده.
ماتت الزوجة، وقد ورثت من زوجها، وورثت من ابنها، ولما ماتت كان لها بنت ولها ثلاثة أبناء ابن؛ الذين هم الورثة الأولون. مسألتها من اثنين؛ البنت لها النصف وأبناء ابنها لهم واحد وهم ثلاثة. يباين، فتضرب رءوسهم في اثنين فتكون بستة؛ للبنت ثلاثة، ولأبناء الابن ثلاثة لكل واحد واحد.
سهمها من الأولى سهمها واحد الذي هو السدس، ولكن مضروب في ثلاثة بثلاثة. سهمها ثلاثة، ومسألتها من ستة يعني: مصح المسألة؛ مسألتها من اثنين وصحت من ستة. ننظر بين الثلاثة وبين الستة، نجد بينهما موافقة بالثلث. الثلاثة فيها ثلث والستة فيها سدس، ففي هذه الحال نصححها، فنضرب الاثنين الذي هو وفق الرءوس؛ نضربهم في أصل مسألتها؛ لأن مسألتها كما ذكرنا مصحها من ستة وسهامها ثلاثة ما انقسمت، فنقول: عندنا الآن ثلاثة وفق مسألتها، وعندنا وفق مسألة الأب. نضرب بعضه في بعض، وما بلغ نسمه جزء السهم، وما بلغ بعد ذلك نضربه في الجامعة التي هي ثمانية عشر، ومن له شيء من الأولى أخذه مضروبًا في الثانية، ومن له شيء من الثانية أخذه مضروبًا في سهام مورثه، أو في وفق سهام مورثه، ومن له شيء من الأولى والثانية والثالثة تجمع له نصيبه. فإن الأم لها من الأولى؛ حيث ورثت من ابنها، ولها من الثانية؛ حيث ورثت من زوجها، ثم جمعت سهامها من الأولى والثانية، ونظرت بينها، وإذا هي مباينة لسهام مسألتها فصححتها، ثم قسمتها، فلما لم تنقسم، جعلتها كمسألة ضربتها في مصح المسألة الأولى.
التأمل لما ذكروا في الكتب الموسعة، يحصل بذلك معرفتها، ولكم أن تكتبوا هذه المسائل حتى تحلوها على هذه الطريقة.
هذه المسألة التي ذكرنا: الابن الذي مات، وله ثلاثة أبناء وبنت وأم وأب. بعد ذلك ماتت أمه، ولها بنت، ولها ثلاثة أبناء ابن، وبنت ابن. مات الأب، وله زوجة وله ثلاثة أبناء.
أرى الطريقة أنك تصحح مسألة الابن، وتعرف نصيب أمه ونصيب أبيه، ثم بعد ذلك تصحح مسألة أبيه الذي مات، وله زوجة، وله ثلاثة أبناء. تصححها وتنظر بين نصيبه من الأولى، وبين مصح مسألته؛ ينقسم أو يباين أو يوافق.
بعد ذلك أيضًا تنظر في مسألة الأم التي ماتت، ولها بنت، ولها ثلاثة أبناء بنت، وبنت ابن، وتنظر أيضًا في مسألتها إن احتاجت إلى تصحيح، وكذلك أيضًا تنظر في سهامها؛ بين سهامها وبين مسألتها هل تنقسم أو توافق أو تباين؟
فإن انقسمت صحت الثانية مما صحت منه الأولى، وإن تباينت ضربت كامل الثانية في كامل الأولى، وإن وافقت ضربت وفق الثانية في كامل الأولى، وما بلغ تسميه الجامعة. ومجموع ضرب المسائل بعضها في بعض مثل مجموع ضرب الرءوس في مسألة الانكسار على فريقين.
ذكرنا في تصحيح المسائل: إنك إذا كان الانكسار على فريقين، فإنك تضرب بعض الرءوس في بعض، أو بعضها في وفق بعض، وما تحصَّل فإنك تسميه جزء السهم، ثم تضربه في كامل الأولى، وتسمي ما تحصل مَصح المسألة.
وأما هاهنا، فإنك تنظر بين المسائل. المسألة إما أن تنقسم سهامه من الأولى على الثانية، فلا تصح. صحت الثانية مما صحت منه الأولى، أو لا تنقسم ولكن توافق، فتثبت وفق الثانية، أو لا توافق ولكن تباين، فتثبت جميعها.
ثم بعد ذلك المسألة الثانية؛ التي هي مسألة الأم. تنظر بين سهامها، وبين ما صح مسألتها. إن انقسمت صحت الثانية مما صحت منه الأولى، وإن وافقت أثبت وفقها، وإن باينت أثبت جميعها.
ثم تنظر بين المسألتين؛ مسألة الأب ومسألة الأم، فتنظر هل يكون بينهما موافقة؟ فعندئذ تضرب وفق إحداهما في الأخرى، وما تحصل فهو جزء السهم.
فإن لم تكن بينهما موافقة بل مباينة ضربت كامل هذه في كامل هذه، وما تحصل فإنه يسمى أيضًا جزء السهم فتضربه في كامل الأولى، وما تحصل فإنك تسميه الجامعة.
ثم تقول: من له شيء من الأولى أخذه مضروبًا في كامل الثانية. يعني: في جزء السهم، ومن له شيء من الثانية أخذه مضروبًا في سهام مورثه، أو في وفقها إن كان بينهما موافقة.
تقرؤونها في الكتب التي توضح ذلك، وبالأخص التي فيها الرسوم مثل: عدة الباحث، تسهيل الفرائض، والرائد، وكتاب الفرائض لابن الفوزان وكذلك للشيخ ابن سلمان رحمه الله. هذه الكتب مبينة فيها الصور يعني: الجداول التي إذا تأملت فيها وجدت أنها تبين لك الرسم.