اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح نظم البرهانية
66474 مشاهدة
متى يستحق الحمل الميراث

وقد تقدم في أسباب الميراث أنهم يقولون: إذا كان الحمل وُلِدَ لأقل من ستة أشهر فإنه يرث بكل حال ؛ سواء كانت أمه فِراشًا أو غير فِراش، وإن كانت غير فِراش فوُلِدَ لأقل من أربع سنين ورث؛ لأنها أكثر مدة الحمل، فإن كانت فِراشًا فلا بد أن يولد لأقل من ستة أشهر؛ فإن وُلد لأكثر من ستة أشهر فلا يرث؛ لأنه يحتمل أنه من وطء متجدد.
مثاله: إذا كانت أم الميت متزوجة، وهي تحت زوجها، وزوجها يطؤها بحكم الزوجية، وادعت أنها حامل حتى يرث ابنها من أخيه الميت الذي هو أخ لأم؛ ادعت أنها حامل فننظر، إن ولدته لأقل من ستة أشهر عرفنا أنه موجود وأنه يرث، وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر لم يرث؛ لاحتمال أنه حدث من وطء متجدد بعد الموت؛ فلا يرث والحال هذه. وأما إذا لم تكن فِراشا؛ كما لو مات ميت، وزوجته موجودة وادعت أنها حامل، فننظر إن أتت بهذا الحمل لأقل من أربع سنين فإنه يرث، ولأكثر من أربع سنين فإنه لا يرث؛ وذلك لأن أكثر مدة الحمل أربع سنين. هكذا قدروا؛ ولكن الغالب أنه إذا زاد عن سنة يكون لمرض في الحمل؛ لأنه إذا مرض لم ينبت جسده ولم يتنامَ؛ فلذلك تطول مدته، وعلامة ذلك أن ينزل معها الدم؛ لأن العادة أن الحامل ما تحيض. فإذا حاضت فذلك لمرض بالجنين؛ لأن الدم ينصرف غذاء لهذا الجنين، يتغذى به مع سرته؛ فإذا مرض لم يتغذ، وخرج هذا الدم -دم الطمث- فيدل على أنه مريض فتزداد مدة الحمل. وقد يبقى سنة، سنتين، ثلاث سنين وهو في بطن أمه فيعالج: إما أن يُسقط، وهو الإجهاض، وإما أن يبرأ ثم يولد، وأكثر شيء أربع سنين، فالحاصل أنه في هذه الحال يوقف له الأكثر من ميراث ذكرين، أو ميراث أنثيين، ويقسم الباقي.
فلو كان عندنا -مثلاً- إذا كان عندنا زوجة وأبوان، والزوجة حامل، فهل الميراث ميراث ذكرين أكثر؟ أم ميراث الأنثيين؟ ميراث الأنثيين أكثر؛ لأن المسألة تعول؛ فنقسم المسألة سبعة وعشرين سهما: للزوجة ثلاثة، وللأب أربعة، وللأم أربعة، ويبقى ستة عشر نوقفها للحمل. نقدر أنه أنثيان. لو قدرنا أنه ذكران، أو ذكر وأنثى قسمنا المال أربع وعشرين. أعطينا الزوجة ثلاثة، والأم أربعة، والأب أربعة، وبقي ثلاثة عشر للذكرين، أو للأنثيين؛ ففي هذه الحال ميراث الأنثيين أكثر؛ لأن المسألة تعول؛ فنوقف الستة عشر، ونجعل المسألة من سبعة وعشرين.
أما لو كان للميت ابن، وله أبوان وزوجة، وزوجته حامل؛ في هذه الحال ميراث الذكرين أكثر. الزوجة والأبوان ميراثهما يأخذانه كاملاً، وأما الابن الموجود فإننا نعامله بالأضر، فلا نعطيه إلا ثلث الباقي بعد أهل الفروض. نعطيه الثلث، ونقف الثلثين لهذا الحمل، فإن وُلد ذكرين أخذا ما وقف لهما، وإن وُلد ذكرا أعطيناه سهمًا ونصفًا، وأعطينا أخاه الموجود نصف السهم الزائد. وإن ولد أنثيين فكذلك نعطيه سهما ونصفا من الموقوف يقسم بينهما، وكذلك إن وُلد ذكرا وأنثى نعطيه أيضًا ثلاثة أرباع الموقوف، وهكذا. يعني: نعامل الولد الموجود؛ الابن الموجود بالأضر، وأما من لا يضرهم كالأب والأم والزوجة فكل منهم يأخذ نصيبه كاملاً؛ لأنه لا يزيد ولا ينقص بكون الحمل ذكرًا أو أنثى، واحدًا أو عددا؛ فهكذا يعاملونه.
متى يكون ميراث الذكرين أكثر؟ إذا كان هناك أولاد فميراث الذكرين أكثر؛ لأنه يزاحم هؤلاء الأولاد، والذكر يأخذ مثل الذكر ومثلي الأنثى؛ فلو كان عندنا –مثلاً- لهذا الميت بنت، وله أم وزوجة حامل، وله هذه الزوجة. نقدر أن الحمل ذكران، بالنسبة للزوجة والأم ميراثهما لا يزيد ولا ينقص، فللزوجة الثمن، وللأم السدس، ولكن الأخت هذه؛ البنت إن كان الحمل أنثى فلها نصف الباقي، وإن كان ذكرًا فلها ثلث الباقي، وإن كانا ذكرين فلها خمس الباقي، فأيهما أضر؟ أن نقدره ذكرين؛ حتى لا نعطيها إلا خمس الباقي بعد الزوجة وبعد الأم. خمس الباقي، ونقف أربعة الأخماس، إذا ولد ذكران أخذاه، وإذا ولد أنثيان، أو ذكر وأنثى، أو ذكر فقط، أو أنثى فقط فإنهم يقتسمون الباقي، ويعطون أختهم الموجودة ما تستحقه معهم للذكر مثل حظ الأنثيين. هذه قسمة الحمل.