الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح نظم البرهانية
68735 مشاهدة
الحكم في زوجة المفقود

كذلك زوجته تبقى في ذمته هذه المدة؛ لكن يقول كثير من العلماء: الأولى أن الحاكم يجتهد؛ لأنه إذا انقطع خبره مدة طويلة فإن على الآخرين ضررا. الزوجة عليها ضرر، لو غاب وعمره عشرون سنة فهل نقول لزوجته: تبقى سبعين سنة وهي معلقة؛ لا أيما، ولا ذات زوج؟! لا شك أن في هذا ضررا؛ فللقاضي أن يجتهد ويحكم بما يراه. ثم في هذه الأزمنة قد يقال: إن الحالة قد تغيرت؛ بحيث قربت المسافات. الذي كان لا يقطع إلا في سنتين يقطع في بضع ساعات، المسافات التي يقطعها بعضهم في خمس سنين بواسطة السير على الرواحل ونحوها. فالأصل أنه يجتهد الحاكم، وأنه يُبعث من يبحث عنه في الجهة التي توجه إليها، وهناك مخابرات، وهناك مكالمات هاتفية، وكذلك أيضًا هناك رحلات سريعة؛ يمكن أنهم يحصلون على علم وعلى معرفة به، وفي أي جهة كان.
لا شك أن مثل هذا؛ أنه يقرب البعيد، فللحاكم أن يجتهد بما يراه؛ ولكن كلام الفقهاء فيما إذا انقطع خبره، ولم يمكن أن يوصل إليه، ولا معرفة لأحد به؛ وذلك لأنه قد يُخفِي نفسه. قد يحرص على الإخفاء والاختباء؛ بحيث أنه لا يكلم أحدا من أهله، ولا يظهر خبره. يفعل ذلك كثيرون لأسباب: كأن يكون –مثلاً- قاتلاً قد قتل إنسانا وهرب، وخاف أنه إذا عثر عليه أن يقتل؛ فيختفي في بلاد بعيدة، ويخفي نفسه، ويظهر بين أهل تلك القرية كأنه واحد منهم؛ يعمل، ويحترف، ويشتغل، ويقيم على ما هو عليه من الغربة؛ غامضًا في الناس. لا أحد يعرفه، ولا أحد يدري من أين جاء؛ فتطول مدته؛ ففي هذه الحال يمكن أن ينتظر تمام تسعين عامًا، وكذلك أيضًا كثير من الغارمين -الذين عليهم ديون كثيرة أثقلتهم- يهرب، ويختفي في بعض الدول، وينقطع خبره؛ لأنه ليس عنده قدرة على أن يوفي ما بذمته، وإذا جاء فقد يسجن مدة طويلة، أو نحو ذلك؛ فلذلك قد يخفي نفسه، وتطول مدة الانتظار، ففي هذه الحال يعمل بما ذكر الفقهاء؛ من انتظاره تمام تسعين سنة من ولادته، ثم يقسم بعد ذلك ماله، وفي هذه الحال أيضًا كما قلنا؛ يرث من أقاربه الذين ماتوا. في مدة الانتظار.