شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
فتاوى الصيام
129460 مشاهدة
حكم الحجامة للصائم

س61: هل الحجامة من مبطلات الصيام؟
الجواب: هذه مسألة خلافية:
ذهب الإمام أحمد إلى أن الحاجم والمحجوم يفطران إذا ظهر من المحجوم دم، وإذا كانا -الحاجم والمحجوم- عامدين ذاكرين لصومهما. واستدل -رحمه الله- بأحاديث مرفوعة وردت في ذلك عن جماعة من الصحابة بلفظ: أفطر الحاجم والمحجوم وهذا الحديث قال فيه بعضهم إنه يبلغ حد التواتر، رواه اثنا عشر من الصحابة.
وعلل أصحاب هذا القول إفطار الحاجم لأنه يمتص الدم، وأما المحجوم فلأنه يظهر منه دم كثير فيفطر، كما أن خروج دم الحائض يسبب فطرها، وقد يكون الدم الذي يخرج من الحائض في بعض النساء أقل من الذي يخرج من المحتجم، ولأن خروج الدم قد يضعف البدن، وقد يكون استفراغا كالقيء، ولو لم تصدق عليه هذه العلل فإن الحديث صحيح رواه جماعة من الصحابة، منهم ثوبان وشداد بن أوس ورافع بن خديج، وهؤلاء الثلاثة روى أحاديثهم الإمام أحمد في مسنده وأهل السنن، وكذلك معقل بن يسار وبلال بن رباح وعائشة وأبو هريرة، ورواه أيضا صاحب القصة الذي ورد فيه الحديث رضي الله عنهم.
وخالف في ذلك الأئمة الثلاثة، وقد أخذ أصحابهم يتكلفون في الإجابة عن الأحاديث التي استدل بها الإمام أحمد -رحمه الله- فقال بعضهم: إنما قال: أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان الناس، ولما نقل هذا القول للإمام أحمد -رحمه الله- قال: لو كانت الغيبة تفطر ما بقي منا أحد إلا وهو مفطر.
وأجاب آخرون بأجوبة منها أن الحديث منسوخ، وقالوا: إنه ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في الحجامة للصائم والرخصة تدل على أن حديث: أفطر الحاجم والمحجوم منسوخ. ولكن الحديث الذي فيه الرخصة فيه ضعف، وعلى تقدير صحته فلعل الرخصة هي السابقة للمنع، فليس عندنا دليل على أنها متأخرة عن هذا الحديث.
وأقوى ما تمسك به أصحاب هذا القول حديث ابن عباس الذي رواه البخاري قال: احتجم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم، واحتجم وهو محرم .
ولكن جميع الرواة قالوا فيه: احتجم وهو صائم محرم. هذا هو اللفظ الصحيح، وأكثر تلامذة ابن عباس لم يذكروا الصيام، وإنما اقتصروا على الإحرام.
ولما نقل الحديث للإمام أحمد قال: ليس فيه الصيام إنما انفرد بذكره فلان وفلان...
أما تلامذة ابن عباس، كسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة وكريب؛ فلم يذكروا الصيام، وإنما قالوا: احتجم وهو محرم؛ فدل على أن الصيام زيادة من بعض الرواة، ولكن ما دامت الزيادة من ثقة فهي مقبولة.
وقد أجاب بعض العلماء عن هذه الزيادة، فقال: إنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن محرما إلا في سفر، والمسافر مباح له الفطر فيكون احتجم وهو مفطر، وأجاب أصحاب القول الثاني بأن قوله: صائم يدل على أنه بقي على صيامه، فإنه لو كان مفطرا لما صح أن يقال: وهو صائم؛ فدل على أنه احتجم وهو صائم، ولم يتأثر صيامه بذلك الاحتجام.
والصحيح -إن شاء الله- ما ذهب إليه الإمام أحمد -رحمه الله- وهو أن الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- أفطر الحاجم والمحجوم والله أعلم.