شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
فتن هذا الزمان وكيفية مقاومتها
12960 مشاهدة
المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد
قال تعالى: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [سورة العنكبوت، الآيات: 1-3] .
ولقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن وقوع الفتن، وبين أن النجاة منها يكون بالاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فعن أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ألا إنها ستكون فتن. فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل. من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم رواه الإمام أحمد والترمذي. .
إننا اليوم في معترك فتن عظيمة، فتن كقطع الليل المظلم، فالمال فتنة، والأولاد فتنة، والنساء فتنة، ومخالطة الأشرار من الكفار والمنافقين فتنة، والدعاية إلى الباطل والتنفير من الحق فتنة، وقرناء السوء فتنة، والدعاية إلى اللهو والضلال والباطل فتنة، وغيرها كثير.
إن الإنسان عندما يقع في خطر ومصيبة من المصائب فهو بين أمرين:
* إما أن يأخذ بأسباب النجاة والتخلص منها فينجو، وهذا لا شك هو المطلوب من الإنسان العاقل أن يفعله.
* وإما أن يستسلم ويترك الأمر فيهلك، وهذا هو السفيه الذي يستسلم ولا يعمل بالأسباب.
لقد كثرت الفتن في هذا الزمان وأخذت أمواجه تتلاطم بألوان الشرور.
فعلى المسلم أن يحذر منها بالاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وليحذر المسلم كل الحذر أن يكون ممن يثير الفتن، أو يتعرض لها، أو يميل إليها فتنصب عليه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي خير من الساعي، ومن تشرف لها تستشرفه متفق عليه. .
وعلينا جميعا حكاما ومحكومين، علماء وغير علماء أن نتعاون على إطفاء نار الفتن بجميع ألوانها بالحكمة والموعظة الحسنة، وإن لم نفعل فإنها ستكون عاقبته خطيرة ونهايته مؤلمة، قال تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال، الآية: 25] .
واعلموا أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [سورة هود، الآية: 7] وأن الآخرة هي دار القرار، فالسعيد من حفظه الله من الفتن، والشقي من وقع فيهـا وصار من أهلها، نسأل الله السلامة.
وفي هذه الرسالة الصغيرة نذكر باختصار بعض الفتن التي انتشرت وكثرت في هذا الزمان، وابتلي بها كثير من المسلمين، فهي فائدة للمستفيد، وعبرة للمعتبر، والله أعلم وأحكم.