لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
كتاب الروض المربع الجزء الأول
89474 مشاهدة
ما يسن في الحمل

ويسن التربيع في حمله لما روى سعيد وابن ماجه عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها, فإنه من السنة, ثم إن شاء فليتطوع, وإن شاء فليدع. إسناده ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن كرهه الآجري وغيره، إذا ازدحموا عليها فيسن أن يحمله أربعة، والتربيع: أن يضع قائمة السرير اليسرى المقدمة على كتفه الأيمن، ثم ينتقل إلى المؤخرة, ثم يضع قائمته اليمنى المقدَّمة على كتفه اليسرى، ثم ينتقل إلى المؤخرة، ويُباح أن يحمل به كُلّ واحد على عاتقه بين العمودين؛ لأنه عليه السلام حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين.


هذا إذا جعلنا هذا السرير له أربعة أعمدة: عمود أمامي من اليسار, وعمود خلفي من اليسار، وعمود أمامي من اليمين, وعمود خلفي من اليمين. فالتربيع: أن يبدأ بكتفه الأيمن, أن يحمل على كتفه الأيمن ولكن يبدأ بالمقدم، فمعلوم على أنه لا يحمل على كتفه الأيمن إلا جانب السرير الأيسر، ومعلوم أن مقدمة السرير أفضل فيبدأ بمقدمته فيحمل الجانب الأيسر، يضعه على كتفه الأيمن؛ يعني: كأنه يقول أريد أن أبدأ بيميني, أن أحمله بيميني، وأقدم جانبه المقدم، مقدمه الذي هي رأسه أفضل من مؤخره, فيحمل على كتفه الأيمن مقدمة السرير اليسرى، يحملها قليلا.
ثم بعد ذلك يأتي غيره, فإذا أتى غيره وحمل بدله جاء هنا وحمل الأيسر المؤخر, جعله أيضا على كتفه الأيمن؛ يعني: عموده اليسرى المؤخرة يجعلها على كتفه الأيمن قليلا، يكون قد حمل نصفه, ثم ينتقل إلى جانب السرير الأيمن فيبدأ بالمقدَّم فيحمله على كتفه اليسرى قليلا، ثم يتأخر إلى العمود اليمنى المؤخَّرة ليضعها أيضا على كتفه الأيسر؛ فكأنه حمل الميت كله، حمل هنا ربعه, ثم حمل الربع الثاني المؤخر, ثم حمل الربع الثالث المقدم, ثم حمل الربع الرابع في المؤخر؛ فيعتبر كأنه حمله كله.
والعادة: أنه يحمله أربعة يترابعونه كل واحد يحمل زاوية، ولكن قد يجوز أن يحمله اثنان أحدهما في المقدم يحمله بيده اليمنى هكذا, وبيده اليسرى هكذا, وعنقه ورأسه بين العمودين، وكذلك أيضا آخر بين العمودين المؤخرتين يحمله بيده اليمنى, وبيده اليسرى, يحمل العمودين، فيكون هذا جائزًا عند قلة الحاملين, يستقل به اثنان.
فالأصل: أنه لا بد من حَمْلِه، والعادة: أنه يُحمل على الأكتاف, يُوضع على الأكتاف، ولما كان كذلك كانت الكتف الأيمن أَوْلَى وكان مقدمة السرير أَوْلَى، فيحمل المقدمة على اليمين, ثم يحمل المؤخرة على اليمين، ثم المقدمة على اليسار -الكتف الأيسر- ثم المؤخرة على اليسار. ويجوز أن يحمل على جوانب السرير، إذا كثروا وكانوا كل منهم يحب أن يحمل فإن لهم أن يحملوا مع جوانب السرير؛ يعني: إذا كان للسرير مقدمتان فيحمل هنا واحد، وواحد، وواحد، وواحد -صف -وكذلك الجانب الآخر يحمل هنا وهنا وهنا؛ يعني يحملونه كصف من هنا ومن هنا، فيمكن أن يحمله أكثر من عشرين إذا ازدحموا وكانوا كل منهم يحب أن يشارك في حمله. فيجوز الحمل بين العمودين, ويجوز الحمل في جوانب السرير كلها.
الحديث الذي ذكر عن أبي عبيدة أبو عبيدة هذا هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود مات أبوه عبد الله بن مسعود وعمره نحو سبع سنين؛ فلأجل ذلك يقولون: أنه لم يَروِ عن أبيه، ولكن يظهر أنه أخذ أحاديث أبيه عن أهل البيت, عن أهل بيته, عن أمه مثلا, أو عن أخواته, أو عن تلامذة أبيه، فلذلك كثيرا ما يحدث عن أبيه, ويعتبرون أحاديثه عن أبيه يعتبرونها مقبولة نعم.
..بالنسبة بالبدأ بجانب السرير الأيسر.. بدأ بيمين الميت ثم بيمين..
الظاهر أنهما مقصودتان معا، يعني: يمين الميت إذا كان على ظهره كانت عن يسار السرير، ويمين الحي إذا كان متقدما كانت عن يسار السرير, فكلاهما مقصود. نعم.