إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
كتاب الروض المربع الجزء الأول
90033 مشاهدة
المشي أمام الجنازة

ويسن كون المشاة أمامها, قال ابن المنذر: ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة. وكون الركبان خلفها لما روى الترمذي وصححه عن المغيرة بن شعبة مرفوعا: الراكب خلف الجنازة وكُرِه ركوب لغير حاجة وعودٌ.


يقول: العادة أنهم إذا صلوا على الجنازة في المسجد، أو ذهبوا بها للصلاة عليها في البقيع أو في المقابر يحملها بعضهم، والبقية لا يحملون, بل يسيرون خلفها، وكثير منهم قد يركب على دابة -كحمار مثلا, وجمل, وحصان- لعجزه مثلا, أو لبعد المكان، والكثير الآخرون يَسيرون على أقدامهم.
أين يسير الركبان؟ يقولون: الْأَوْلى أنهم يسيرون خلفها، والمشاة أمامها, والركبان خلفها, هذا اختيار بعض الفقهاء؛ كأنهم يقولون: إن الركبان لا يتعبون فلهم أن يسيروا بتؤدة، وربما مثلا تعبوا -تعب الذين يحملونها- فينزل بعض الركبان ويحملونها لكونهم قد أراحوا أنفسهم. وقال بعضهم: بل هما سيان؛ يعني: يجوز أن يكون الراكب خلفها أو أمامها, والماشي يجوز أن يكون خلفها أو أمامها، وإنما النقل في ذلك فعل وليس فيه قول, فكونهم مثلا رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة وبعض أصحابه يمشون خلفها لا يدل ذلك على أن ذلك من السنة وأنه مُطَّرِد؛ لأنه روي أيضا أنهم مرة من المرات يسيرون أمامها, فدل على أنه يجوز أحيانا أن يكون الراكب أمامها وأحيانا يكون خلفها.
وكذا يقال في الماشي: أن يكون الماشي خلفها أو أمامها حسب ما تقتضيه الحال؛ وذلك لأن بعض المشاة قد يكون نشيطا فلا يضره أن يكون في مقدمتها، والآخر قد يكون متوانيا أو متثاقلا, فلا يتيسر له إلا كونه خلفها والكل فيه سعة.
أما متى يباح له الركوب؟ يقولون: إذا رجع فله أن يركب، إذا رجع من المقابر بعد الدفن فله أن يركب، وله أيضا أن يركب إذا كان كبير السن أو مريضا، وله في هذه الأزمنة أن يركب لِبُعْد المسافة؛ يعني: بُعد المكان يعوزه إلى أن يركب لمشقة قطع الطريق -قطع الطريق على الأرجل-. فالحاصل أنه يجوز الركوب ويجوز المشي، ولكن المشي الأفضل إلا لعذر, كمرض مثلا أو بُعْدِ مكان.