اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
كتاب الروض المربع الجزء الأول
86549 مشاهدة
من شروط الزكاة ملك النصاب

والثالث: ملك نصاب ولو لصغير أو مجنون لعموم الأخبار وأقوال الصحابة, فإن نقص عنه فلا زكاة إلا من شروط الزكاة الركاز.


لا بد من هذا الشرط الثالث وهو ملك النصاب؛ أن يبلغ المال نصابا. يأتي تقدير الأنصباء؛ نصاب الذهب كذا، ونصاب الفضة كذا، ونصاب الحبوب والتمور كذا، ونصاب الإبل كذا، فلا بد أن يكون نصابا، هذا هو القول الصحيح. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس فيما دون خمسة أوسق صدقةٌ, ليس فيما دون خمس ذود صدقة، ليس فيما دون خمس أواق صدقة والأواقي: جمع أوقية وهي أربعون درهما, خمس أواقي يعني: مائتا درهم، فحدد الأنصبة في هذا الحديث، وسبب ذلك أن ما دون النصاب يُعتبر قليلا، والذي يملك أقل من النصاب لا يقال له غني, والحديث يقول: تُؤخذ من أغنيائهم فتُرَدُّ على فقرائهم فمَنْ كان لا يملك إلا هذا الجزء القليل لن يعتبر غنيا، فماله لا يحتمل المواساة، والزكاة شُرعت للمواساة للفقراء ونحوهم؛ جعل الله في أموال الأغنياء حقا للفقراء من باب المواساة؛ لأن هؤلاء محرمون وفقراء يشاهدون هذا المال بأيدي هؤلاء الأغنياء يقلبونه؛ فتمتد إليه أنظارهم وأعينهم, فجعل الله لهم حقا وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ فإذا كان المال قليلا كأربع من الإبل، أو مثلا مائة وتسعين من الوَرِق، أو مثلا مائتين من البُرِّ -مائتي صاع- أو مائتين وخمسين لم يُعتبر هذا كثيرا تحصل فيه المواساة والصدقة؛ بل إنما هو قَدر إعاشة صاحبه, وقدر نفقته على عياله, فلا يجب عليه إلا إذا بلغ نصابا. نعم.