اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
كتاب الروض المربع الجزء الأول
86917 مشاهدة
حكم تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر

ولا يجوز تأخير قضائه إلى رمضان آخر من غير عذر لقول عائشة -رضي الله عنها- كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. متفق عليه فلا يجوز التطوع قبله ولا يصح. فإن فعل أي: أخره بلا عذر حرم عليه، وحينئذ فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم ما يجزئ في كفارة. رواه سعيد بإسناد جيد عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- والدارقطني بإسناد صحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وإن كان لعذر فلا شيء عليه.


عرفنا أنه تجب المبادرة إلى قضاء رمضان أو تتأكد، ولكن لو أخره ولو بلا عذر فإنه يعزم ويجزم أنه سوف يقضيه، فإن أخره ولم يقضه إلا في شعبان أجزأه ذلك، أو في رجب أو في جمادى أو في ربيع ما دام أنه في السنة يجزئه ذلك. ولكن لا يؤخره حتى يأتي رمضان الثاني، فإن ذلك يعد تفريطا، فإن فعل؛ أخره حتى أتى رمضان الثاني وهو لم يصم أيامه التي من رمضان الأول، فيلزمه أن يقضيه بعد رمضان الثاني، ويطعم مع كل يوم طعام مسكين ما يجزئ في كفارة.
فمثلا إذا أفطر عشرة أيام من سنة اثنتي عشرة، وتساهل في هذه العشرة وأدركه رمضان عام ثلاثة عشر وهو لم يقضه؛ لم يقض العشرة ألزمناه أن يقضيها بعد رمضان سنة ثلاثة عشرة في شوال مثلا أو بعده؛ أن يقضيها وأن يطعم عن كل يوم طعام مسكين؛ الطعام الذي يجزئ في الفطرة. يعني: البر أو الشعير أو التمر أو الزبيب، والمقدار الذي يجزئ في الكفارة نصف الصاع من البر أو من الأرز أو ما أشبه ذلك.
ثم لا يجوز له أن يتطوع قبل أن يقضي ما عليه ورد في بعض الآثار أو الأحاديث لا يقبل الله نافلة حتى تؤدى الفريضة فلا بد أن يأتي بالفرض، فإذا أكمل الفرض وأتمه فليتطوع إذا شاء، فأما أن يتطوع قبل أن يكمل ما عليه من أيام رمضان فلا يجوز، وإذا أتاه موسم من المواسم التي تصام صامه ونواه من أيامه، فإذا صام يوم عرفة نواه عند الصيام من أيامه التي عليه، وإذا صام يوم عاشوراء نواه من أيامه التي عليه.
ويجوز أن يصوم الأيام الفاضلة وينويها؛ فيصوم مثلا الإثنين والخميس، وينويها من أيامه التي عليه دين، ويكون له الأجر مرتين, إسقاط اليوم الذي عليه, وأجر صيام الإثنين والخميس اللذين ترفع فيهما الأعمال. وكذلك سقوط يوم من أيامه التي عليه، وأجر صيام يوم عرفة الذي يكفر السنة التي قبلها والتي بعدها، وهكذا، فلا بد أن يبادر ويصوم قبل أن يتطوع، ولو ضاق شعبان عن أيام المرأة التي عليها أو المريض قدَّمَه، صام بقيته وأجل الباقي، وقضى عنه.
لو مثلا ابتدأ في صوم أيامه التي عليه وهي خمسة عشر في العشر الأخير من شعبان قلنا له: أكملها كلها، ويبقى عليك خمسة أيام تصومها بعد رمضان وتطعم. كذلك لا يصوم الست من شوال قبل أن يكمل الأيام التي عليه ولو انسلخ شوال؛ فلو أن امرأة نفست في أول رمضان ولم تطهر إلا في العاشر من شوال بعد أربعين يوما، وابتدأت تصوم صامت عشرين من شوال وعشر من ذي القعدة، وبذلك تم رمضان، تحب أن تصوم الست التي من شوال تصومها من ذي القعدة؛ لأنه لم يتيسر لها إلا ذلك؛ لأن رمضان في حقها أصبح في شوال، فتصوم الست من ذي القعدة وتجزئ عنها؛ لأن القصد أن يكمل صيام السنة؛ يعني صيام ستة وثلاثين يوما لتكون عن ثلاثمائة وستين يوما؛ الحسنة بعشر أمثالها.
وما ذكروا عن عائشة أنه يكون عليها الصيام ولا تقضيه إلا في شعبان؛ اعتذرت بأن ذلك لمكان النبي -صلى الله عليه وسلم- كأنه يشق عليها أن تصوم وهو حاضر، أو كأنها تسافر معه كثيرا، أو أنها كانت شابة ويصعب عليها أن تصوم وأهلها مفطرون أو نحو ذلك.
ولكنها لا تتطوع قبل أن تصوم أيامها التي عليها؛ لأنا عرفنا أنه لا يصح التطوع قبل إتمام الفرض، ولا يقال: إنها تصوم الست من شوال ولا أنها تصوم عشر أو تسع ذي القعدة وهي عليها أيام من رمضان، ولا أنها تصوم إثنين وخميس وعليها أيام من رمضان، ولا أنها تصوم يوم عاشوراء أو تاسوعاء وهي عليها أيام من رمضان؛ بل لو صامت مثل هذه الأيام لصامتها عن أيامها لكنها لم تتفرغ ولم تستطع؛ فهي ذكرت أنها لا تستطيع الصيام إلا في شعبان بسبب الانشغال، وعلى كل حال يحرص المسلم على أن يبرئ ذمته، وأن يبادر بصيام ما عليه قبل أن يفوت الأوان.
س: .. قياسا على الصلاة والتطوع في الصلاة في الوقت الحر.. ؟

لا يجوز أن يتطوع بصيام قبل أن يقضي ما عليه؛ وذلك لأن الأيام التي عليه فريضة, ولأن الصوم يستغرق مثلا خمس عشرة ساعة أو اثنتي عشرة، ولأنه يستغرق أياما؛ ولأن الإنسان لا يدري متى يأتيه أجله فيأتيه أجله وهو مفرط؛ لم يصم أيامه التي في ذمته.
ولا يقاس الصيام على الدَّيْن؛ وذلك لأن الدَّيْن حق آدمي قد يَتساهل فيه ولأنه ما يتصدق وعليه دين إلا وهو عازم على الوفاء، وعنده من المال ما يكفي لوفاء الدين، ولأن الدين قد يقال: إنه لا يجب إلا بطلبه؛ يعني يطلبه صاحبه؛ فيجوز لك مثلا أن تملك مالا، وأن تتصرف فيه وتنميه وعليك دين، وأن تتصدق منه وأن تطعم وأن تضيف وعليك دين ما دام أن أصحابه لم يضايقوك، ولم يشددوا عليك في الطلب؛ ولأنه لو شدد عليه الغرماء لا يجوز له أن يتصدق حتى يوفي لهم كالمحجور عليه لا يتصرف في ماله حتى يوفي أهل الديون ديونهم؛ دل على أنه لا قياس ولا مناسبة بين الصدقة قبل قضاء الدين وبين التطوع بالصيام قبل قضاء الفرض.
ولا يقاس أيضا على الصلاة فإن الصلاة وقتها واسع؛ يتسع وقتها لأكثر منها نقول مثلا: إن وقت الظهر يدخل في الساعة مثلا السادسة إلا عشر دقائق بالتوقيت الغروبي، وينتهي في الساعة التاسعة والنصف، يدخل وقت العصر، يكون عندنا ثلاث ساعات ونصف كلها وقت للظهر. يتسع هذا الوقت ثلاث ساعات ونصف أو ثلاث ساعات وثلث؛ يتسع لصلاة مائة ركعة أو خمسين ركعة بطمأنينة، فيجوز أن يتطوع.
ولكن لو مثلا أنه فات الوقت، قلنا له: بادر بقضاء الوقت؛ بقضاء الفائتة قبل أن تتطوع. فلو مثلا أنه فاته الوتر وفاتته صلاة الفجر واستيقظ ضحى في الساعة الواحدة أو الثانية بالتوقيت الغروبي قلنا له: بادر بصلاة الفرض قبل الوتر، الوتر تطوع وقد فات وقته فبادر بصلاة الفرض، ولا تتطوع قبلها، لا يقول: أصلي صلاة الضحى قبل أن أصلي الفرض فلا يجوز له، فدل على أنه لا يصح أن يتطوع بالصوم قبل أن يؤدي الفرض.