لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
176124 مشاهدة
من شروط البيع التراضي

بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشارح رحمه الله تعالى: ويشترط للبيع سبعة شروط ؛ أحدها: التراضي منهما أي من المتعاقدين فلا يصح البيع من مكره بلا حق لقوله -عليه الصلاة والسلام- إنما البيع عن تراض رواه ابن حبان فإن أكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه صح لأنه حمل عليه بحق وإن أكره على وزن مال فباع ملكه كره الشراء منه وصح .


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد .للبيع سبعة شروط, هذا الشرط الأول منها, وهو: أن يكون البائعان متراضيين فيخرج بذلك من أُكْرِه على البيع, أو مَن أُكره على الشراء, فإن ذلك لا يصح, سواء أُكره على البيع بغير حق, أو أكره على الشراء بغير حق. دليل التراضي هذا الحديث إنما البيع عن تراض وقوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ أي: أن تبادل التجارة يكون بعد التراضي من المتبايعين أن يرضى البائع بالبيع ويرضى المشتري بالشراء، فإذا حصل عدم التراضي لم ينعقد البيع وذلك لأنه لم تطب نفسه بالمال, وفي الحديث لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفس منه فالبائع إذا أُكره ما طابت نفسه بهذه السلعة, والمشتري إذا أكره ما طابت نفسه بهذا الثمن, فيكون المال المبذول محرما لوجود الإكراه بغير حق. كذلك استثنوا إذا كان الإكراه بحق، وصورة ذلك: إذا حل الدين وامتنع المدين من الوفاء, فإن الحاكم يكرهه على أن يبيع من ماله ما يوفي به دينه, وذلك لأن الدَّيْن تَعَلَّق بالذمة, ولأن المدين عنده وفاء, قادر على أن يوفي, فيكرهه, ويلزمه بأن يبيع من ماله ما يستغني عنه حتى يوفي دينه, ولو لم يرض, وفي هذه الحال يصح الشراء منه.. مَن اشترى منه فشراؤه صحيح؛ لأن الحاكم قام مقامه في البيع, ولأنه ما أكرهه إلا على حق.
وقوله: إذا أكره على وزن مال فباع ماله كُرِهَ الشراء منه, صورة ذلك: إذا فُرِض عليه فرض, إذا فرض عليه الحاكم فرضا كجزاء أو نكال.. أمر ألزمه به، قال: يلزمك أن تدفع ألفا, أو تدفع مائة ألف, ولا نعفيك إلا إذا دفعته, نكالا مثلا, أو جزاء, ثم إنه اضطر إلى أن يبيع أملاكه, يبيع قطع الأرض التي عنده مثلا وهو كاره أو يبيع أمتعة بيته مثلا كفرشه وسرجه ولحفه وما يملكه, عرضه للبيع وهو كاره, لأنه ملزم بأن يوفي هذه الضريبة فما حكم الشراء منه؟
يقولون: يكره, وذلك لأن نفسه ما طابت بهذا المال. أولا: الضريبة هذه قد تكون ظلما, وقد تكون بغير حق. وثانيا: نفسه متعلقة بأعيان هذه الأموال التي باعها, نفسه متعلقة بهذه الدار التي باعها, أو بهذه السيارة, أو بهذه الفرس مثلا, أو بهذه الأواني والأدوات, فيكره الشراء منه لعدم طيب نفسه, وفي الحديث لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه هكذا عللوا.
والقول الثاني: أنه يصح الشراء منه, ولعله الأقرب والأصوب؛ وذلك لأنا إذا قلنا: لا تَشْتَرِ منه, فإنه سيزيد تنكيله, وسيدخل في السجون؛ وسوف يتولى الحاكم مثلا بيع ماله, وربما يبيعه برخص, وربما يأخذها بنصف الثمن, أو بربع الثمن, فيتضرر. فإذا قلنا: لكم أن تشتروا منه بلا كراهة صح ذلك, وإذا اشتروا منه فإنهم سيأخذون السلع منه بقيمتها, أو بمثل الثمن, فلا يكون عليه ضرر، بخلاف ما إذا قلنا: لا تشتروا منه. فعرضت سلعته ولم يشتر منها أحد, فربما يببيعونها على بعضها بربع قيمتها فيتضرر، أما إذا قلنا لكم: إنكم تشترون فإن هذا سوف يسومها, وسوف يسوم فعند ذلك تباع بما يقارب القيمة.